لمحة عن صراع قديم جيديد..الحرب الباكستانية الهندية… صراع دائم يُهدد بإشعال جنوب آسيا

لمحة عن صراع قديم جيديد..الحرب الباكستانية الهندية… صراع دائم يُهدد بإشعال جنوب آسيا
تقارير / الجمعة 09 مايو 2025 - 10:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب: وصال . ل

رغم مرور عقود على تقسيم شبه القارة الهندية، إلا أن العداوة المستحكمة بين الهند وباكستان لم تهدأ، بل تتجدد بصورٍ أكثر شراسة كلما اقتربت نُذر الحرب، إذ لا يزال شبح المواجهة المسلحة بين القوتين النوويتين يُخيم على الأجواء، مهددًا بانفجار إقليمي قد يتحول إلى كارثة عالمية. فالصراع بين البلدين لم يكن يومًا مجرد نزاع حدودي، بل هو امتدادٌ لصراع هووي، ديني، وسياسي عميق الجذور.

بدأت أولى نُذر الصراع الدموي فور الاستقلال عام 1947، حين أدى التقسيم العنيف إلى اقتلاع ملايين السكان من جذورهم، واندلاع أولى الحروب بين الدولتين الوليدتين حول إقليم كشمير، الذي سيبقى إلى يومنا هذا بؤرة متفجرة لتجاذبات دموية لا تنتهي. فالهند تعتبر كشمير جزءًا لا يتجزأ من ترابها، بينما ترى باكستان أن المنطقة ذات الأغلبية المسلمة يجب أن تُلحق بها، وهو ما جعل المنطقة ساحة مفتوحة للمواجهات المسلحة والتوترات الدائمة.

خاض البلدان ثلاث حروب كبرى: في 1947، 1965، و1971، والأخيرة أدت إلى انفصال بنغلاديش عن باكستان. ورغم توقيع اتفاقيات لوقف إطلاق النار في أكثر من مناسبة، إلا أن اشتباكات الحدود والتسلل المتبادل والتصعيد الإعلامي والسياسي لم يتوقف، بل أصبح السلاح النووي حاضراً بشكل دائم في تصريحات القادة، مما يرفع من منسوب الخطر ويقلل من فرص التهدئة.

في عام 1998، دخل الصراع منعطفًا خطيرًا حين أعلن البلدان امتلاكهما رسمياً للسلاح النووي، ليتحول التوتر من مجرد اشتباكات إلى توازن رعب. هذا التصعيد الاستراتيجي جعل أي حرب شاملة بين الطرفين كارثة إنسانية مُحتملة قد تُزهق أرواح الملايين، وهو ما دفع المجتمع الدولي إلى فرض ضغوط دبلوماسية متواصلة للحفاظ على الخطوط الحمراء من الانهيار.

لم تكن كشمير مجرد ساحة عسكرية، بل تحولت إلى مسرح لانتهاكات جسيمة في حق المدنيين، حيث تتبادل الدولتان الاتهامات بتمويل الجماعات المسلحة، وارتكاب أعمال عنف ممنهجة، وسط صمت دولي في كثير من الأحيان، وازدواجية في المواقف حسب المصالح الجيوسياسية، خصوصاً من القوى الكبرى مثل الصين والولايات المتحدة، اللتين تلعبان أدوارًا مزدوجة بين الحليف والوسيط.

مع تطور التكنولوجيا العسكرية، أصبحت الحرب بين الهند وباكستان أكثر تعقيدًا، خاصة مع دخول الطائرات المسيّرة، الحرب السيبرانية، والتجسس الإلكتروني، وهو ما يجعل أي تصعيد قابلًا للتحول إلى نزاع شامل في ساعات معدودة، خصوصاً مع وجود متشددين على الجانبين، واستغلال القوميين لهذا التوتر لتعزيز مواقعهم السياسية في الداخل.

ورغم الجهود الأممية والنداءات المتكررة للحوار، فإن غياب الإرادة السياسية، وانعدام الثقة، وتوظيف العداء لأغراض انتخابية، يحول دون تحقيق أي تقدم حقيقي نحو السلام، بل إن مبادرات التهدئة سرعان ما تُجهض في مهدها نتيجة أحداث ميدانية أو عمليات إرهابية غالباً ما تكون غامضة المصدر، ما يجعل الوضع مفتوحًا على كل الاحتمالات.

في ظل هذا المشهد الملتهب، تبقى جنوب آسيا على صفيح ساخن، إذ إن مجرد شرارة صغيرة، سواء من عملية إرهابية أو مناوشة حدودية، قد تؤدي إلى انفجار كبير لا يُحمد عقباه، وقد يتسبب في واحدة من أخطر الكوارث النووية في العصر الحديث، خصوصًا في ظل صمت المجتمع الدولي، وتراخي المنظومة الأممية عن فرض مسار حقيقي لتسوية النزاع المستعصي.

 

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك