أنتلجنسيا المغرب: لبنى . ل
من شيكاغو
إلى العالم: جذور دامية لعيد العمال
يعود أصل عيد
العمال، الذي يُحتفل به عالميًا في فاتح ماي من كل عام، إلى حركة احتجاجية قادها
العمال في الولايات المتحدة الأمريكية خلال القرن التاسع عشر، وتحديدًا في مدينة
شيكاغو سنة 1886. فقد طالب العمال حينها بتحديد ساعات العمل في 8 ساعات يوميًا،
وهو مطلب قوبل بالقمع والرصاص، مما أدى إلى سقوط عدد من القتلى واعتقال عدد من
النقابيين، حيث أُعدم لاحقًا أربعة من زعماء الحركة بعد محاكمات مثيرة للجدل.
تلك
الاحتجاجات التي عُرفت بـ"ثورة هايماركت" أصبحت رمزًا لنضال الطبقة
العاملة عالميًا، وساهمت في ترسيخ فاتح ماي كيوم لتخليد تضحيات العمال ونضالهم من
أجل العدالة الاجتماعية وظروف عمل إنسانية.
مسيرة
الاعتراف العالمي
في سنة 1889،
وبمبادرة من الأممية الاشتراكية الثانية في باريس، تقرر تخصيص يوم 1 ماي كعيد
عالمي للعمال، تخليدًا لأحداث شيكاغو ومطالب الحركات العمالية في مختلف أنحاء
العالم. ومنذ بداية القرن العشرين، بدأ هذا التاريخ يُعتمد رسميًا في عدد متزايد
من الدول، أولها فرنسا وألمانيا وروسيا.
كيف يحتفل
العالم بعيد العمال؟
فرنسا: تشهد
احتفالات نقابية كبرى ومسيرات حاشدة تطالب بتحسين شروط العمل والتنديد بسياسات
الحكومة، وهو يوم يعكس ارتباطًا قويًا بين النقابات والمجتمع.
ألمانيا:
يُعتبر يوم عطلة وطنية، وتخرج فيه النقابات العمّالية الكبرى مثل "IG Metall"
في مظاهرات سلمية تدعو للحوار الاجتماعي والعدالة في الأجور.
الولايات
المتحدة: رغم كونها مهد الاحتفال، لا يُعترف رسميًا بفاتح ماي كعيد للعمال، بل
يُحتفل بـ"يوم العمل" في أول اثنين من شتنبر، لأسباب سياسية تعود إلى
تخوف السلطات من الارتباط بالاشتراكية.
الصين: يُنظم
الاحتفال بعيد العمال وفق أجندة رسمية صارمة، وهو يوم عطلة وطنية تقام فيه عروض
احتفالية وتكريم للعمال.
دول المغرب
العربي: تحتفل المغرب، الجزائر، وتونس بعيد العمال من خلال تجمعات ومسيرات مركزية
غالبًا ما تكون مناسبة للنقابات لمخاطبة الحكومة ورفع مطالبها.
عيد العمال
بالمغرب... نضال مزمن ومطالب تتجدد
في المغرب،
يُعد فاتح ماي عطلة رسمية، وتخرج النقابات كل عام بمطالب متكررة تتعلق بزيادة
الأجور، والعدالة الجبائية، والحماية الاجتماعية، وإصلاح أنظمة التقاعد. غير أن
السنوات الأخيرة شهدت فتورًا واضحًا في زخم الاحتفال، نتيجة تراجع الثقة بين
الحكومة والفرقاء الاجتماعيين، وتنامي الشعور بعدم جدوى الحوار الاجتماعي، ما يطرح
علامات استفهام كبيرة حول مستقبل العمل النقابي في البلاد.
رمزية تتجاوز
الزمان والمكان
ورغم اختلاف
الطقوس وتفاوت درجات الاحتفال من بلد لآخر، يظل عيد العمال يومًا رمزيًا يجسد
المعركة المفتوحة بين رأس المال والعمل، ويذكر العالم بأن الحقوق التي يتمتع بها
كثير من العمال اليوم لم تكن يومًا هدية من الحكومات أو أرباب العمل، بل كانت ثمرة
نضال طويل ودماء سالت من أجل الكرامة والعدالة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك