أنتلجنسيا المغرب: حمان ميقاتي
تشهد المنطقة تصاعدًا جديدًا في التوترات بين إيران وإسرائيل،
في ظل مساعي طهران لإعادة ترسيخ نفوذها في لبنان، كما كان الحال في عهد حسن نصر
الله، الذي قاد حزب الله لعقود كذراع عسكري وسياسي لإيران على حدود إسرائيل، ومع
تغير المعادلات الإقليمية وصعود جوزيف عون إلى سدة الحكم في سوريا، تطرح تساؤلات
حول مدى قدرة إيران على استعادة قوتها في الساحة اللبنانية، وحجم التهديدات التي
قد تشكلها لإسرائيل في المرحلة المقبلة.
إيران
وإسرائيل.. صراع ممتد وعنف متبادل
منذ عقود، كانت العلاقات الإيرانية الإسرائيلية قائمة على
العداء الصريح والتصعيد العسكري غير المباشر، إيران، التي ترفع راية المقاومة ضد
إسرائيل، تدعم فصائل مسلحة في لبنان وسوريا وغزة، بينما تعتبر إسرائيل النفوذ
الإيراني تهديدًا وجوديًا يستوجب الردع المستمر. وشهدت السنوات الأخيرة عمليات
اغتيال واستهداف متبادل بين الجانبين، سواء من خلال ضربات جوية إسرائيلية لمواقع
إيرانية في سوريا، أو عبر هجمات سيبرانية وعمليات استخباراتية متبادلة.
لبنان..
ساحة النفوذ الإيراني المتراجع
لطالما كان لبنان بمثابة الحديقة الخلفية لإيران عبر حزب الله،
الذي شكّل لسنوات طويلة تهديدًا استراتيجيًا لإسرائيل، لكن السنوات الأخيرة شهدت
تراجعًا في النفوذ الإيراني نتيجة الأزمات الاقتصادية والضغوط الدولية، فضلًا عن
الحراك الشعبي الذي زاد من عزلة الحزب داخليًا، اليوم، تسعى طهران لإعادة بناء
نفوذها هناك، لكن الوضع مختلف عن عهد حسن نصر الله، حيث تواجه إيران تحديات داخلية
وإقليمية قد تعيق خططها.
هل
تستطيع إيران العودة بقوة إلى لبنان؟
إيران تدرك أن استعادة قوتها في لبنان يحتاج إلى تغييرات
استراتيجية، خاصة أن المنطقة لم تعد كما كانت خلال سنوات الحروب السابقة، ومع
التغيرات السياسية والعسكرية في سوريا، والتي شهدت وصول جوزيف عون إلى الرئاسة،
يظل السؤال المطروح هو: هل سيسمح النظام السوري الجديد لطهران باستخدام أراضيه
مجددًا كجسر لدعم حزب الله في لبنان؟
جوزيف
عون.. هل يكون عقبة أمام النفوذ الإيراني؟
يُعرف جوزيف عون بقربه من الدوائر العسكرية الغربية، وهو ما قد
يجعله أقل انحيازًا لطهران مقارنة بالأسد، لكنه في الوقت نفسه لن يغامر بقطع
العلاقات مع إيران بشكل كامل، خشية الدخول في صراع إقليمي مفتوح، ومع ذلك، فإن أي
تغيير في السياسة السورية تجاه إيران قد يحدّ من قدرتها على إعادة ترسيخ نفوذها في
لبنان، مما سيدفعها إلى البحث عن طرق بديلة لتعزيز سيطرتها على الحزب وإعادة
التوازن العسكري في المنطقة.
ما
هي أوراق إيران في لبنان اليوم؟
رغم الضغوط الدولية والتحديات الداخلية، لا تزال إيران تمتلك
عدة أوراق تمكنها من البقاء لاعبًا رئيسيًا في لبنان، أبرزها الدعم المالي
والعسكري لحزب الله، فضلًا عن التحالفات السياسية التي يمكن أن تساعدها في التأثير
على القرار اللبناني، لكن مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في طهران، قد يكون استمرار
هذا الدعم محل اختبار صعب في المرحلة المقبلة.
التهديدات
المحتملة لإسرائيل.. ماذا في جعبة إيران؟
لا تخفي إيران نيتها في استخدام لبنان وسوريا كجبهات متقدمة ضد
إسرائيل، في حال اندلاع أي مواجهة مفتوحة، ومن بين التهديدات المحتملة التي قد
تلجأ إليها إيران ضد إسرائيل:
1. الهجمات
الصاروخية: حزب الله يمتلك
ترسانة صاروخية ضخمة، قد تستخدم في استهداف العمق الإسرائيلي في حال حدوث تصعيد
عسكري.
2. الحرب
بالوكالة: يمكن لإيران تحريك
جماعاتها المسلحة في سوريا وغزة والعراق لاستهداف المصالح الإسرائيلية أو تنفيذ
هجمات منسقة.
3. الهجمات
السيبرانية: إيران طورت قدراتها
السيبرانية بشكل كبير، وقد تلجأ إلى شن هجمات إلكترونية لتعطيل البنية التحتية
الإسرائيلية.
4. تفجير
الساحة الداخلية: من خلال استغلال
الانقسامات داخل إسرائيل وتحريك خلايا نائمة أو تنفيذ عمليات نوعية داخل الأراضي
المحتلة.
إسرائيل..
بين الردع والحرب الوقائية
إسرائيل من جهتها، لا تنتظر تحركات إيران لتتحرك بالمقابل، بل
تعتمد على استراتيجية "الحرب بين الحروب"، حيث تقوم بضربات استباقية لأي
تهديد إيراني محتمل. الضربات الإسرائيلية في سوريا لم تتوقف، وكذلك عمليات
الاستهداف الدقيقة لقادة عسكريين تابعين لطهران، مما يجعل المواجهة بين الطرفين
مستمرة دون الحاجة إلى حرب مفتوحة.
سيناريوهات
المستقبل.. إلى أين يتجه الصراع؟
مع احتدام التوترات، يبقى المشهد مفتوحًا على عدة سيناريوهات.
فإما أن تنجح إيران في إعادة تثبيت وجودها في لبنان وسوريا، مما سيزيد من احتمالية
المواجهة مع إسرائيل، أو أن تجد نفسها في مأزق داخلي يمنعها من التمدد، مما سيمنح
إسرائيل فرصة لتقويض نفوذها الإقليمي. وفي كل الأحوال، يبدو أن المواجهة بين
الطرفين لن تتوقف، بل ستأخذ أشكالًا مختلفة حسب المتغيرات السياسية والعسكرية.
ختامًا..
هل تشتعل المنطقة مجددًا؟
ما بين محاولات إيران
لاستعادة قوتها، وحرص إسرائيل على تقويض أي تهديد محتمل، تظل المنطقة على صفيح
ساخن، ومع التطورات المتسارعة في سوريا ولبنان، قد يكون الصراع الإيراني
الإسرائيلي في طريقه لجولة جديدة من التصعيد، ستكون نتائجها حاسمة في تحديد شكل
النفوذ الإيراني في المنطقة ومستقبل الأمن الإسرائيلي.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك