أنتلجنسيا المغرب:لبنى مطرفي
في أجواء مفعمة بالفخر والاعتزاز، شهدت مدينة العيون تنظيم مهرجان خطابي كبير، بمناسبة تخليد الذكرى الـ67 لمعركة الدشيرة والذكرى الـ49 لجلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية للمملكة. الحدث الذي نظمته المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، يوم أمس الجمعة 28 فبراير المنصرم، حمل في طياته دلالات وطنية عميقة، حيث استُحضر خلاله تاريخ طويل من النضال ضد الاستعمار، والتضحيات الجسام التي قدمها أبناء الصحراء المغربية في سبيل الحرية والوحدة الترابية.
محطات مشرقة من الكفاح الوطني
في كلمته خلال المهرجان، أكد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري، أن تخليد هذه الذكرى يمثل لحظة تأمل في محطات مضيئة من تاريخ الكفاح الوطني، حيث كان أبناء الأقاليم الجنوبية في طليعة المدافعين عن السيادة المغربية منذ بروز الأطماع الاستعمارية. وأشار إلى أن الصحراويين أبانوا عن وفائهم المطلق للعرش العلوي، وتصديهم للمستعمر الإسباني الذي حاول فرض سيطرته على الصحراء المغربية.
مقاومة لا تلين في وجه الاستعمار
المسيرة النضالية لأبناء الصحراء كانت حافلة بالبطولات، إذ قدموا الغالي والنفيس دفاعًا عن وطنهم، مؤكدين أن لا قوة قادرة على كسر عزيمتهم. وذكّر الكثيري بأن الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي وقف سدًا منيعًا أمام مخططات التقسيم والاستنزاف، وظل متشبثًا بهويته الوطنية ومقوماته الحضارية، رغم كل المؤامرات الاستعمارية.
دروس للأجيال القادمة
استحضار هذه المحطات التاريخية، وفقًا للمندوب السامي، لا يقتصر على التذكير بالماضي المجيد، بل يحمل دروسًا وطنية خالدة للأجيال القادمة. فمعركة الدشيرة وملحمة الاستقلال ليستا مجرد ذكريات، بل هما مصدر إلهام يعزز روح الوطنية والمسؤولية لدى الشباب، ويغرس فيهم قيم التضحية والالتزام بالمبادئ العليا للوطن.
دور الصحراء في معركة الاستقلال
وفي سياق استعراضه لمسار التحرير، أشار الكثيري إلى الدور الكبير الذي لعبه الصحراويون خلال فترة الاستعمار الفرنسي والإسباني، مشيرًا إلى أن مواقفهم كانت حاسمة، سواء من خلال انخراطهم في المقاومة المسلحة، أو دعمهم لشرعية العرش المغربي خلال أحداث نفي الملك الراحل محمد الخامس سنة 1953. كما سلط الضوء على الزيارة التاريخية التي قام بها جلالة المغفور له محمد الخامس إلى محاميد الغزلان سنة 1958، والتي جدد فيها العزم على استكمال تحرير الأراضي المغربية.
الوحدة الترابية.. قضية مقدسة
أكد الكثيري أن القضية الوطنية لا تزال في صدارة الأولويات، مشددًا على التعبئة المستمرة خلف جلالة الملك محمد السادس في سبيل تثبيت المكتسبات المحققة وتنمية الأقاليم الجنوبية. كما ذكّر بالمضامين الحاسمة لخطاب جلالة الملك خلال افتتاح السنة التشريعية، والذي أكد فيه أن الصحراء المغربية ليست موضوع تفاوض أو مساومة، بل هي أساس السياسات الداخلية والخارجية للمملكة.
الاعترافات الدولية تتوالى
بفضل الدبلوماسية الرشيدة التي يقودها جلالة الملك، يشهد ملف الصحراء المغربية تطورات إيجابية غير مسبوقة، حيث توالت الاعترافات الدولية بسيادة المغرب على أراضيه، مع تزايد الدعم لمبادرة الحكم الذاتي باعتبارها الحل الواقعي الوحيد لحل النزاع المفتعل. هذه الدينامية السياسية تعزز مكانة المغرب قارياً ودولياً، وتقطع الطريق أمام المناورات التي تحاول عرقلة مسار الوحدة الترابية.
تكريم المقاومين وتخليد الذاكرة الوطنية
وعرف المهرجان تكريم عشرة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، عرفانًا بتضحياتهم الجليلة. ولم يقتصر هذا التكريم على الجانب المعنوي، بل شمل أيضًا تقديم إعانات مالية لعدد من المقاومين وأرامل المتوفين، في خطوة تعكس الوفاء لرجال وهبوا حياتهم من أجل الوطن. كما تم تنظيم زيارة لمقبرة الشهداء بجماعة الدشيرة، حيث تمت قراءة الفاتحة ترحمًا على أرواح المقاومين وجلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني.
ذاكرة حية ومصير مشترك
إحياء هذه الذكرى يعكس مدى ارتباط الشعب المغربي بتاريخه النضالي، ويؤكد أن الصحراء كانت وستظل جزءًا لا يتجزأ من المغرب الموحد. فكما رفض الأجداد الاستعمار، فإن الأجيال الحالية تواصل المسيرة تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، لترسيخ التنمية وتعزيز الاستقرار في الأقاليم الجنوبية، وجعلها نموذجًا للتقدم والرخاء في القارة الإفريقية.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك