أنتلجنسيا المغرب / حمان ميقاتي
كشف تقرير صادر عن "برنامج الأمم
المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز" عن تداعيات خطيرة لتعليق المساعدات
الأمريكية الموجهة إلى الخارج، وهو القرار الذي اتخذه الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب بعد عودته إلى السلطة .
ويعتبر هذا الإجراء بمثابة ضربة موجعة للمنظمات
غير الحكومية في المغرب، التي تعتمد بشكل كبير على التمويلات المقدمة من الوكالة
الأمريكية للتنمية الدولية (يو إس آيد)، ما يضع مستقبل العديد من المشاريع
الاجتماعية والإنسانية في مهب الريح.
ويؤكد التقرير أن هذا القرار ستكون له
تداعيات مباشرة على قطاعات حيوية، أبرزها التعليم والصحة والتنمية الريفية، حيث أن
العديد من المشاريع التي كانت تهدف إلى تحسين ظروف العيش للفئات الهشة باتت مهددة
بالتوقف، كما أن برامج تمكين المرأة، التي كانت مدعومة عبر مبادرات اقتصادية
واجتماعية، قد تواجه صعوبات كبيرة، مما سيؤدي إلى تراجع المكتسبات التي تحققت في
هذا المجال خلال السنوات الأخيرة.
ويعد قطاع الصحة من أكثر المجالات
تضررًا من تعليق المساعدات، خاصة فيما يتعلق ببرامج مكافحة فيروس نقص المناعة
البشرية (الإيدز)، فبحسب التقرير، كانت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أحد
الممولين الرئيسيين للجهود المبذولة في هذا الصدد، سواء عبر توفير الأدوية أو عبر
الحملات التوعوية والوقائية، ومع توقف التمويل، أصبحت هذه المبادرات مهددة
بالتراجع، ما قد ينعكس سلبًا على معدلات الإصابة وانتشار الفيروس داخل بعض الفئات
الهشة.
ولا يقتصر التأثير السلبي لهذا القرار
على المنظمات غير الحكومية فقط، بل يمتد ليشمل مشاريع حكومية مدعومة من قبل وكالات
الأمم المتحدة، مما يضع العديد من البرامج الصحية والإنسانية أمام تحديات غير
مسبوقة، فالتقرير يؤكد أن فرق الأمم المتحدة في المغرب بدأت بالفعل في عقد
اجتماعات داخلية لتقييم حجم الضرر الناتج عن هذا القرار، وسط مخاوف متزايدة من عجز
بعض البرامج عن الاستمرار دون الدعم المالي الأمريكي.
من بين أبرز البرامج التي تواجه خطر
الإيقاف، يشير التقرير إلى "برنامج دعم الاستجابة لزلزال الحوز"، الذي
تموله الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بالشراكة مع اليونيسيف، هذا المشروع كان
يهدف إلى تعزيز التكامل الاقتصادي للنساء والشباب، من خلال إنشاء تعاونيات ومؤسسات
محلية، إلا أن غياب التمويل بات يهدد استمراريته، مما قد يؤدي إلى ضياع فرص
اقتصادية مهمة للفئات المستفيدة.
أما فيما يتعلق بالمهاجرين واللاجئين
في المغرب، فقد أشار التقرير إلى أن العديد من المبادرات التي كانت تهدف إلى تحسين
أوضاعهم المعيشية باتت في مهب الريح، فتعليق التمويلات الأمريكية يعني تقليص الدعم
الموجه إلى مراكز الإيواء، والخدمات الصحية، والبرامج التعليمية، مما سيؤدي إلى
تفاقم أوضاع هذه الفئات التي تعاني أصلًا من ظروف صعبة، كما أن برامج التدريب
المهني الموجهة للشباب، والتي كانت تهدف إلى مساعدتهم على الاندماج في سوق العمل،
قد تتوقف نهائيًا في حال عدم إيجاد مصادر تمويل بديلة.
ويصف التقرير تداعيات تعليق المساعدات
الأمريكية على المغرب بأنها بمثابة "فراغ مالي يصعب ملؤه"، موضحًا أن
إيجاد مصادر تمويل جديدة لتعويض الدعم الأمريكي لن يكون بالمهمة السهلة، فعملية
البحث عن مانحين دوليين جدد تتطلب وقتًا طويلًا وإجراءات معقدة، مما قد يؤدي إلى
توقف بعض المشاريع قبل تأمين بديل مستدام.
وعلى الرغم من محاولات بعض المنظمات
البحث عن حلول تمويلية بديلة، فإن تعقيدات المشهد المالي العالمي والمنافسة على
الموارد قد تجعل من تأمين الدعم اللازم مهمة شبه مستحيلة، ومع استمرار تداعيات هذا
القرار، تبقى التساؤلات مطروحة حول مستقبل المبادرات التنموية والاجتماعية في
المغرب، ومدى قدرة الفاعلين المحليين والدوليين على احتواء هذه الأزمة قبل أن
تتحول إلى كارثة إنسانية واجتماعية حقيقية.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك