أنتلجنسيا المغرب:عبد الله البارودي
صادق البرلمان الإسباني، بحر الأسبوع الجاري، على خطوة تشريعية مثيرة تقضي بفتح مسار قانوني لمنح الجنسية الإسبانية للصحراويين المولودين خلال فترة الإدارة الاستعمارية الإسبانية للصحراء، في قرار أعاد إلى الواجهة ملفاً تاريخياً ظل مؤجلاً لعقود، وأثار في الآن نفسه نقاشاً سياسياً ودبلوماسياً داخل إسبانيا وخارجها.
المقترح، الذي تقدم به ائتلاف “سومار”، يهدف إلى تسهيل حصول الصحراويين المزدادين في الأقاليم الجنوبية قبل 26 فبراير 1976 على الجنسية الإسبانية، مع توسيع هذا الحق ليشمل أبناءهم وأحفادهم وفق آجال قانونية محددة. ويستند المشروع إلى مبررات تاريخية وإنسانية، تعتبر أن إسبانيا تتحمل جزءاً من مسؤولية أوضاع هذه الفئة بعد انسحابها من الإقليم دون تسوية نهائية لوضعها القانوني.
ورغم أن النص لم يبلغ بعد مرحلته النهائية، فإن التصويت الأخير شكّل منعطفاً حاسماً سمح بانتقاله إلى مرحلة مناقشة التعديلات التفصيلية داخل البرلمان، بعد تعثر التوافق حوله في اللجنة المختصة. وتشير المعطيات السياسية إلى أن حظوظ تمريره تبقى مرتفعة، في ظل محدودية الأصوات المعارضة التي تقتصر أساساً على الحزب الاشتراكي العمالي وحزب “فوكس”، دون قدرة عددية على تعطيل المسار التشريعي.
النقاش الدائر يعكس انقساماً داخل المشهد السياسي الإسباني، بين تيار يعتبر الخطوة تصحيحاً متأخراً لإرث استعماري معقّد، وتيار يتحفظ على تبعاتها القانونية والإدارية، وما قد تثيره من حساسيات دبلوماسية. في المقابل، ترى غالبية القوى السياسية، من اليسار إلى القوميين في كاتالونيا والباسك، أن منح الجنسية في هذا الإطار يندرج ضمن معالجة تاريخية لا تمس المواقف الرسمية للدولة.
ويأتي هذا التطور في وقت تؤكد فيه الحكومة الإسبانية تمسكها بدعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية باعتبارها حلاً جاداً وذا مصداقية للنزاع الإقليمي، ما جعل مراقبين يعتبرون أن القرار البرلماني، رغم رمزيته السياسية، لا يشكل تحولاً في الخط الاستراتيجي للعلاقات المغربية الإسبانية، بقدر ما يعكس توازنات داخلية ومحاولات لطيّ صفحات من الماضي الاستعماري دون المساس بخيارات الحاضر.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك