السياسة في المغرب..من خدمة الصالح العام إلى مصاعد للترقي الاجتماعي وتكديس الثروة

السياسة في المغرب..من خدمة الصالح العام إلى مصاعد للترقي الاجتماعي وتكديس الثروة
سياسة / الثلاثاء 25 نونبر 2025 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين

لم يعد التحول الذي يعيشه المشهد السياسي المغربي مجرد تطور طبيعي للأحزاب، بل تحوّل عميق حوّل الفاعل السياسي من صوت للناس إلى موظف لدى منظومة تتحكم في الحقل السياسي، ومن حامل مشروع إلى ساعٍ إلى الامتيازات والمصالح الضيقة.

وهكذا ضاعت السياسة، وضاعت معها ثقة المواطنين، خصوصاً الفئات الفقيرة والمتوسطة التي لم تعد تجد نفسها في أي خطاب أو ممارسة حزبية.

المخزن:المهندس الصامت لحقل سياسي منزوع الروح

سنوات من التدخلات المعلنة وغير المعلنة من طرف الدولة العميقة أنتجت فسيفساء حزبية خاضعة ومحكومة مسبقاً.

ويتم تشكيل القيادات، وضبط الإيقاع الانتخابي، والتحكم في سقف النقاشات السياسية، بما يجعل الفاعلين السياسيين جزءاً من هندسة جاهزة لا يملكون سوى الاندماج فيها.

بهذا الشكل، تحوّل المجال السياسي إلى فضاء محدود، يمنع بروز أي مشروع سياسي مستقل أو أي بادرة إصلاحية خارج المسار المرسوم.

الأحزاب:من مدارس للنضال إلى بوابات للنفوذ

الأحزاب التي كانت في الماضي مصنعاً للنخب ومشتلاً للأفكار باتت اليوم في كثير من الحالات بوابة للاغتناء عبر، مقاعد برلمانية، رئاسة جماعات محلية، التحكم في الصفقات، بناء شبكات الزبونية، وتوظيف السياسة كاستثمار مربح.

ولم تعد عملية اختيار المرشحين مبنية على الكفاءة أو المشروع الفكري، بل على القدرة المالية، الولاء الشخصي، أو الحسابات الضيقة داخل التنظيمات.

القيادات السياسية:أدوار صورية وخضوع للخطوط المرسومة

غابت الجرأة السياسية، وغاب معها الزعماء الحقيقيون، لم يعد القادة قادرين على تجاوز السقف المحدد لهم، ولم يعودوا يمثلون وسيطاً بين الدولة والمجتمع بقدر ما تحولوا إلى منفذين للخطوط العريضة الموضوعة مسبقاً.

وهكذا، فقد البرلمان دوره، وفقدت البرامج الانتخابية معناها، وأصبح الفعل السياسي مجرد واجهة شكلية.

السياسة كمصعد سريع للثروة والمكانة

في سياق ينهار فيه الاقتصاد الاجتماعي وتتسع فيه الهوة الطبقية، تحوّلت السياسة إلى وسيلة مختصرة للترقي الاجتماعي والاغتناء.

فهناك، سياسيون يخرجون من ولايات انتخابية بثروات لا تتناسب إطلاقاً مع دخلهم، ورؤساء جماعات محلية يديرون صفقات بالملايين، وقيادات تبني شبكات مصالح تفوق قوة المؤسسات نفسها في بعض الأحيان.

أما الطبقات الفقيرة والمتوسطة، فهي مجرد جمهور موسمي يُستدعى يوم الاقتراع ثم يُعاد تهميشه.

المواطن:الحلقة الأضعف في معادلة مغلقة

تراجع الثقة في السياسة لم يعد مجرد إحساس عابر، بل أصبح واقعاً خطيراً، حيث نلاحظ، عزوف انتخابي، فقدان الأمل، واعتقاد عام بأن الأحزاب مجرد نسخ مكررة بلا روح ولا مشاريع.

ولم يعد المواطن يرى اختلافاً بين الفاعلين السياسيين، لأن الجميع يشتغل ضمن نفس الهامش، وفي نفس الإطار الضيق.

 استعادة السياسة من قبضة المصالح

إصلاح الحقل السياسي المغربي لم يعد ترفاً، بل ضرورة وجودية تتطلب بالضرورة:

إعادة تعريف دور الأحزاب

فصل السياسة عن الثروة

تحرير القرار السياسي من التحكم

بناء نخبة جديدة متصالحة مع الشارع ومع فكرة المصلحة العامة

ومن دون ذلك، ستظل السياسة مجرد آلة للترقي الشخصي، بينما تبقى الفئات الفقيرة والمتوسطة خارج اهتمام الجميع، تدفع ثمن لعبة لا مكان لها فيها.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك