مدريد تقطع الخيوط..إسبانيا تُلغي عقود الأسلحة مع إسرائيل وتُعلن الطلاق التكنولوجي الكامل

مدريد تقطع الخيوط..إسبانيا تُلغي عقود الأسلحة مع إسرائيل وتُعلن الطلاق التكنولوجي الكامل
سياسة / الخميس 05 يونيو 2025 - 14:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:أحمد الهيلالي

في خطوة جريئة وغير مسبوقة داخل الاتحاد الأوروبي، أعلنت الحكومة الإسبانية رسمياً عن إلغاء عقود تسليح ضخمة كانت مبرمة مع الكيان الصهيوني، بقيمة إجمالية تصل إلى 287 مليون يورو، وذلك في سياق موقفها الرافض لما تصفه بـ"حرب الإبادة الجماعية" التي يشنها الاحتلال على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

قرار شجاع يخلخل المشهد الأوروبي

القرار الإسباني لم يكن عادياً، بل يُمثل تحوّلاً نوعياً في السياسات الدفاعية والتجارية لدولة عضو في الناتو، خاصة وأن هذه العقود كانت تتعلق بمعدات تكنولوجية عسكرية متطورة، تشمل أنظمة مراقبة، طائرات دون طيار، وتجهيزات إلكترونية تُستخدم في الميدان.

حسب مصادر من وزارة الدفاع الإسبانية، فإن الإلغاء يشمل أيضاً شراكات بحث وتطوير مشتركة بين شركات دفاعية إسرائيلية ونظيراتها الإسبانية، ما يعني "فك ارتباط تكنولوجي" حقيقي بعد سنوات من التعاون الوثيق بين الطرفين.

خلفيات القرار: رفض أخلاقي ودعم سياسي لفلسطين

الحكومة الإسبانية، التي يقودها الحزب الاشتراكي العمالي، برّرت هذا القرار بكونه ترجمة عملية لموقفها المبدئي من القضية الفلسطينية، والذي تُوِّج مؤخراً باعتراف رسمي بدولة فلسطين. وكان رئيس الوزراء بيدرو سانشيز قد أعلن صراحة أن بلاده لا يمكن أن تكون طرفاً في تمويل أو دعم أي آلة عسكرية متورطة في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

هذا الموقف حظي بدعم واسع من الشارع الإسباني، حيث شهدت مدن البلاد مظاهرات ضخمة دعماً لغزة، ومطالبات بمقاطعة الاحتلال على كافة الأصعدة، من الأكاديمية إلى الرياضية.

التأثيرات المتوقعة: صفعة اقتصادية وعزل سياسي

يُنتظر أن يكون لهذا القرار تأثير كبير على العلاقات الاقتصادية بين مدريد وتل أبيب، إذ أن السوق الإسبانية كانت تشكل منفذاً هاماً لصادرات التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية نحو أوروبا. كما أن هذا الإلغاء يُعد أول خطوة من نوعها ضمن توجه أوروبي أوسع قد يتبلور مع تصاعد الغضب الشعبي من جرائم الاحتلال.

ويرى مراقبون أن إسبانيا تُرسل برسالة مزدوجة: أولاً إلى المجتمع الدولي بأن الصمت لم يعد خياراً، وثانياً إلى إسرائيل بأن أفعالها لن تمر دون تبعات سياسية واقتصادية.

أوروبا بين موقفين.. وإسبانيا تفتح الطريق

التحرك الإسباني يُحرج باقي الدول الأوروبية التي لا تزال تُراوغ في مواقفها، إذ أن إلغاء عقود بمئات الملايين من اليوروهات يُظهر إرادة سياسية حقيقية في الدفاع عن القيم الكونية لحقوق الإنسان، ويُؤسس لسلوك دبلوماسي جديد يُراهن على الضغوط الاقتصادية والعزل السياسي، بدل الاكتفاء بالبيانات المُنمقة.

إسبانيا، التي أصبحت أول دولة غربية تعترف بدولة فلسطين منذ سنوات طويلة، تقود اليوم جبهة سياسية جديدة تُعيد ترتيب أولويات العلاقات الدولية، وتفتح الباب أمام قرارات مماثلة من دول مثل أيرلندا وبلجيكا التي تُبدي إشارات مشابهة.

هل يكون القرار بداية النهاية لعلاقات الغرب بالاحتلال؟

في ظل استمرار الحرب على غزة، وتصاعد عدد الشهداء المدنيين، تتجه الأنظار الآن إلى ردود أفعال باقي العواصم الأوروبية. فهل تُشكّل إسبانيا نموذجاً يُحتذى به في إعادة تعريف العلاقة مع إسرائيل؟ أم أن المصالح الاقتصادية ستظل أقوى من المبادئ لدى باقي الدول؟

الأكيد أن مدريد، بهذا القرار التاريخي، وضعت إسرائيل في زاوية سياسية حرجة، وكسرت أحد أقوى أدواتها: التحالفات العسكرية والاقتصادية الغربية.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك