أنتلجنسيا المغرب:الربان
في خطوة تعكس تصاعد النقاش المؤسسي والسياسي حول مشروع القانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، طالبت المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية بإحالة هذا المشروع على مؤسستين دستوريتين مرجعيتين لإبداء الرأي، هما المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، معتبرة أن القانون يطرح إشكاليات تتقاطع مع الحقوق والحريات الأساسية المنصوص عليها دستورياً وضمن الالتزامات الدولية للمملكة.
وكشفت المجموعة أنها وجهت مراسلة رسمية إلى رئيس مجلس النواب تطالبه بإحالة المشروع على المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وذلك استناداً إلى الفصل 152 من الدستور، والمادة 2 من القانون التنظيمي رقم 128.12 المنظم لهذا المجلس، والتي تخول للحكومة وغرفتي البرلمان حق طلب رأيه الاستشاري في كل القضايا ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وهو ما ينطبق حسب المجموعة على مضامين القانون الجديد. كما استندت في مطلبها إلى المادة 366 من النظام الداخلي لمجلس النواب، والتي تنظم المساطر المتعلقة بإحالة النصوص القانونية على المؤسسات الدستورية المعنية.
وفي السياق نفسه، أكدت المجموعة أنها راسلت رئيس لجنة التعليم والثقافة والاتصال، من أجل مطالبة هذه اللجنة، باعتبارها الجهة البرلمانية المكلفة بمناقشة النص، بإحالة مشروع القانون أيضاً على المجلس الوطني لحقوق الإنسان، لإبداء رأيه بشأن مدى توافقه مع المرجعية الوطنية والدولية لحقوق الإنسان، وذلك بموجب المادة 384 من النظام الداخلي لمجلس النواب، التي تنص على إمكانية إحالة مشاريع القوانين على المجلس المذكور حينما يكون لها وقع على منظومة الحقوق والحريات.
وترى المجموعة أن مشروع القانون رقم 26.25 يتسم بحساسية كبيرة، بالنظر إلى صلته المباشرة بحرية الصحافة وحق التعبير والرأي، وهي حقوق مضمونة بموجب دستور 2011، لاسيما في فصوله 25 و27 و28، وبموجب الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة. كما شددت على أن القانون لا يجب أن يُناقش أو يُصادق عليه في غياب رأي المؤسسات الدستورية المختصة، التي من شأنها المساهمة في تحقيق توازن ديمقراطي بين التنظيم المؤسساتي ومقتضيات حقوق الإنسان.
وأوضحت المجموعة أن المجلس الوطني للصحافة، باعتباره مؤسسة تعنى بالتنظيم الذاتي لمهنة الصحافة، يجب أن يُعاد تنظيمه في إطار يحفظ استقلاليته ومصداقيته، ويضمن احترام المعايير الدولية في مجال المهنة، بدل أن يتحول إلى أداة إدارية أو سياسية تُفرغ التنظيم الذاتي من محتواه الحقيقي. كما دعت إلى ضمان تمثيلية مهنية حقيقية داخل المجلس، مع ضبط شروط الشفافية في انتخاباته وتحديد صلاحياته في ما يخص التأديب والأخلاقيات والمهنية.
ويأتي هذا الجدل في سياق نقاش وطني متجدد حول العلاقة بين التنظيم القانوني للمهنة الصحفية من جهة، وحماية الحريات العامة وحرية التعبير من جهة أخرى، خاصة في ظل التحديات التي فرضها التحول الرقمي وظهور أنماط جديدة من الصحافة والإعلام البديل. كما تزامن مع انتقادات متعددة لمضامين مشروع القانون من طرف هيئات مهنية وجمعيات مدنية، ترى فيه تغولاً للسلطة التنفيذية وتقليصاً لهامش الاستقلال المهني.
ويُنتظر أن يُثير هذا الطلب البرلماني نقاشاً سياسياً وقانونياً واسعاً تحت قبة البرلمان، وسط ترقب لما ستسفر عنه الآراء الاستشارية المنتظرة من طرف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، في حال قبول الإحالة عليهما. كما يُرتقب أن يلعب هذا النقاش دوراً محورياً في تعديل النص الحالي، أو على الأقل إبطاء مسار المصادقة عليه إلى حين استكمال الرؤى المؤسسية بشأنه.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك