من 129 ألف خيمة إلى 47 فقط..الحكومة تعلن بداية نهاية مرحلة مؤلمة من زلزال الحوز

من 129 ألف خيمة إلى 47 فقط..الحكومة تعلن بداية نهاية مرحلة مؤلمة من زلزال الحوز
سياسة / الجمعة 11 يوليو 2025 - 21:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:أيوب الفاتيحي

في تطور جديد يعكس تقدم جهود إعادة الإيواء والإعمار في المناطق المتضررة من زلزال الحوز، أعلنت الحكومة المغربية، خلال انعقاد المجلس الحكومي الأخير، أن عدد الخيام التي كانت منصوبة لإيواء المتضررين من الزلزال تراجع بشكل لافت من 129 ألف خيمة إلى 47 فقط على الصعيد الوطني. هذا الرقم الصغير الذي لم يعد يتجاوز العشرات بعد أن كان بالآلاف، لا يمثل فقط تراجعاً عددياً بل يحمل في طياته دلالة رمزية على قرب طي واحدة من أصعب الفصول الإنسانية التي عاشتها المملكة خلال السنوات الأخيرة.

زلزال الحوز، الذي ضرب البلاد في شتنبر 2023، خلّف وراءه مأساة حقيقية على المستويين البشري والمادي، ودمّر قرىً بأكملها وجعل عشرات الآلاف من الأسر بلا مأوى بين عشية وضحاها. ومنذ اللحظات الأولى، سارعت الدولة إلى تعبئة كل إمكانياتها البشرية واللوجيستيكية والأمنية والعسكرية من أجل توفير مأوى مؤقت عبر الخيام، وضمان الاستقرار النفسي والجسدي للضحايا، خصوصاً في ظل قساوة المناخ وظروف التضاريس الوعرة التي تميز مناطق الأطلس. وكانت الخيام بمثابة الملاذ الأول لمئات العائلات، لكنها في ذات الوقت كانت شاهداً مادياً على حجم الكارثة، ورمزاً لمعاناة لا يمكن اختزالها في الأرقام.

وبحسب المعطيات التي قدمها ناطق رسمي باسم الحكومة، فإن تقليص عدد الخيام من 129 ألف إلى 47 فقط تم بشكل تدريجي ومدروس، بالتوازي مع عمليات إعادة الإيواء في منازل مؤقتة مجهزة بكافة التجهيزات الضرورية، أو إعادة بناء البيوت الأصلية في المناطق المتضررة. وتندرج هذه العملية ضمن الورش الملكي الواسع لإعادة الإعمار، الذي شمل ليس فقط إعادة إسكان السكان، بل أيضاً إعادة ترميم المساجد والمدارس والمرافق العمومية، وبناء شبكات الطرق، وربط القرى بالكهرباء والماء الصالح للشرب، وتحسين شروط العيش الكريم.

هذا التراجع الكبير في عدد الخيام يعكس نجاح السياسة الحكومية في تدبير مرحلة ما بعد الكارثة، سواء على مستوى التخطيط أو التنسيق مع مختلف الشركاء المحليين والدوليين، حيث تم إشراك السلطات المحلية والمنتخبين والساكنة في تحديد أولويات التدخل، كما تم اعتماد مقاربة تشاركية ساهمت في تسريع وتيرة إعادة الإعمار، رغم الإكراهات المرتبطة بصعوبة التضاريس ونقص بعض المواد في فترات معينة.

لكن رغم المؤشرات الإيجابية، فإن هذه الأرقام لا تلغي أن هناك الكثير من العمل في المستقبل القريب، خاصة ما يتعلق بضرورة تتبع المشاريع التي أطلقت في المناطق الجبلية، وضمان عدم سقوط المتضررين مجدداً في دوامة التهميش والنسيان. فزلزال الحوز لم يكن فقط كارثة طبيعية، بل فضح هشاشة البنيات في الكثير من الجماعات الجبلية، وكشف عن اختلالات عميقة في التنمية المجالية، ما يجعل ورش إعادة الإعمار فرصة حقيقية لإعادة التفكير في النموذج التنموي القروي ككل.

وبينما تستعد البلاد لطي صفحة الخيام المؤقتة، تبقى العبرة في ما تحقق من تضامن وطني واسع، وفي صورة المغرب الذي استطاع أن يحوّل الأزمة إلى لحظة وحدة وطنية، ومناسبة لمساءلة السياسات الترابية، وابتكار حلول أكثر استدامة وعدلاً للساكنة الجبلية التي دفعت ثمناً باهظاً في ليلة واحدة. فالرقم 47 قد يبدو صغيراً، لكنه يمثل النهاية الملموسة لمشهد كان كابوساً حقيقياً لعشرات الآلاف، ونقطة بداية جديدة لعودة الحياة إلى طبيعتها، وسط أطلس ما يزال ينتظر أن يُعامل كما ينبغي، لا فقط وقت الكوارث، بل كل يوم.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك