أنتلجنسيا المغرب:الربان
أعلنت رئاسة النيابة العامة عن تسجيل تراجع ملموس في معدلات الاعتقال الاحتياطي بالمملكة، حيث انخفضت النسبة إلى أقل من 30% من مجموع الساكنة السجنية، في مؤشر إيجابي يعكس تحسّنًا في تدبير ملفات الاعتقال وملاءمة السياسة الجنائية مع مبادئ المحاكمة العادلة.
ماذا يعني الاعتقال الاحتياطي؟
الاعتقال الاحتياطي هو الإجراء الذي يُمكن أن يُتخذ في حق شخص يُشتبه في ارتكابه جريمة، قبل صدور حكم نهائي في حقه.
ورغم أنه إجراء استثنائي، فقد ظل في المغرب يُستعمل بشكل واسع لعقود، ما تسبب في اكتظاظ سجون المملكة، وخلق انتقادات حقوقية ومؤسساتية متكررة.
أقل من 30%:رقم غير مسبوق في تاريخ العدالة المغربية
أفادت رئاسة النيابة العامة، في بلاغ رسمي، أن نسبة المعتقلين احتياطيًا من بين الساكنة السجنية الإجمالية قد تراجعت إلى أقل من 30%، وهي أدنى نسبة تُسجل منذ سنوات.
هذا الانخفاض يُعد ثمرة جهود مشتركة بين:
رئاسة النيابة العامة،
المجلس الأعلى للسلطة القضائية،
وزارة العدل،
والمندوبية العامة لإدارة السجون.
تحول تدريجي نحو العدالة التصالحية والعقوبات البديلة
يرتبط هذا التراجع بوضوح بسياسات جديدة بدأ المغرب في تبنيها، أهمها:
ترشيد أوامر الاعتقال الاحتياطي،
توسيع اللجوء إلى العقوبات البديلة (الغرامات، العمل من أجل المنفعة العامة، السوار الإلكتروني…)،
اعتماد الرقمنة في تدبير القضايا للحد من التأخير.
كما أن توجيهات السياسة الجنائية باتت تدفع نحو تفضيل المتابعة في حالة سراح ما لم تتوفر مبررات جدية للاعتقال.
المغرب ومواءمة التشريعات مع المعايير الدولية
هذا التحول يأتي في سياق التزام المملكة بـ:
اتفاقيات حقوق الإنسان التي تفرض أن يكون الاعتقال الاستثنائي لا القاعدة.
تنفيذ توصيات الآليات الأممية والهيئات الحقوقية، وعلى رأسها المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
تحسين مؤشرات العدالة الجنائية عالميًا، والتي تُعتبر معيارًا أساسًا في التقارير الدولية.
تحديات مستمرة رغم التحسن
ورغم هذا الإنجاز، تبقى بعض التحديات قائمة:
بطء المساطر القضائية في بعض المحاكم.
غياب التكوين المتخصص حول بدائل الاعتقال.
ضغط عدد الملفات على القضاة ووكلاء الملك.
وتؤكد الجهات المعنية أن الهدف القادم هو تقليص النسبة أكثر لتتماشى مع الممارسات الفضلى عالميًا، حيث تسعى بعض الدول إلى حصر الاعتقال الاحتياطي في أقل من 10%.
عدالة فعالة تعني عدالة إنسانية
تراجع معدل الاعتقال الاحتياطي في المغرب يُشكل خطوة قوية نحو عدالة أكثر توازنًا وإنصافًا، ويُعيد الثقة في النظام القضائي كمؤسسة تُوازن بين حماية المجتمع وصون كرامة الفرد.
إنه مسار طويل، لكن المؤشرات الأخيرة تؤكد أن المملكة بدأت تُراكم مكتسبات إيجابية تُحسب لها على المستوى الحقوقي والمؤسساتي.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك