أنتلجنسيا المغرب:أحمد الهيلالي
في تصريح مثير للجدل، خرج رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، بتصريح وصفه كثيرون بـ"المستفز والمتعالِي"، حين قال خلال أحد لقاءاته السياسية:
"إلا بقيتو تابعيني على رجال الأعمال لكنعرفهم، تواحد ما يخدم، حيث كنعرف الأغلبية فيهم، وخاص تكون راجل باش تجيب المشاريع لبلادك."
فما خلفيات هذا التصريح؟ وما هي الرسائل المُبطنة وراءه؟ وهل يمكن لرئيس حكومة أن يتحدث بهذه اللغة في دولة يُفترض أنها تسير نحو الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة؟
تصريح يحمل أكثر من دلالة: لغة استعلاء أم واقع مرير؟
لم يكن تصريح أخنوش مجرد جملة عابرة، بل حمل في طياته رسائل ضمنية مثقلة، من بينها:
تحقير ضمني لرجال الأعمال: وكأنه يقول بأن الكفاءة في المغرب لا تعني شيئًا أمام "الذكورة" أو العلاقات الخاصة.
تبرئة الذات: فتصريحه يمكن تأويله كطريقة للتهرب من المساءلة السياسية وتحميل المسؤولية لـ"الآخرين".
تمجيد الشبكات الخاصة: ما فُهم منه أن النجاح في جلب المشاريع للبلاد رهين بكونك "راجل" في إشارة مبطنة إلى العلاقات أو الانتماء إلى "الدوائر المحظوظة".
هل رئيس الحكومة فوق المحاسبة؟
تصريحات من هذا النوع، خصوصًا حين تصدر من أعلى سلطة تنفيذية في البلاد، تطرح علامات استفهام كبرى:
أين هي المؤسسات الرقابية من هكذا تصريحات؟
كيف يقبل رئيس حكومة أن يُقصي جزءًا من رجال الأعمال، فقط لأنه "يعرفهم"؟
هل هذا مؤشر على عقلية احتكارية تحكم تدبير الشأن العام؟
رجال الأعمال يردّون: لسنا مجرد أرقام في جداول أخنوش
بعد الضجة التي أثارها هذا التصريح، خرج عدد من رجال الأعمال الصغار والمتوسطين بردود غير مباشرة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، أبرزها:
"ماشي كلشي فاسد، را كاين لي خدام بالنية وبالاجتهاد".
"كون كانت المشاريع كاتجي غير بالمعارف، علاش نديرو دفاتر التحملات؟"
"واش خاصنا نكونو رجال بمعاييرك ولا بمعايير الدولة؟"
صورة الحكومة على المحك: أزمة تواصل أم أزمة أخلاق سياسية؟
ليست هذه المرة الأولى التي يُتهم فيها أخنوش بـ"السقوط في الغرور"، حيث سبق أن وُوجه بانتقادات بسبب:
استخدامه لعبارات غير لائقة في تجمعات انتخابية.
تهجمه الضمني على منتقدي سياساته، واعتبارهم "ناس خاويين".
وهذا يعيد طرح سؤال أعمق:هل نعيش أزمة تواصل حكومي، أم أزمة في احترام الذكاء الجمعي للمغاربة؟
هل نحتاج لرئيس حكومة يُحاسَب ولا يُمجد نفسه؟
تصريح أخنوش الأخير، يُعيد النقاش حول حدود السلطة السياسية، وأخلاقيات الخطاب العمومي. فأن تكون رئيسًا لحكومة بلد فيه ملايين الشباب العاطل وآلاف المقاولين الذين يعانون من العراقيل، ثم تقول لهم "خاص تكون راجل باش تجيب المشاريع"، فهذا يفتح الباب أمام:
إقصاء رمزي للمرأة المغربية.
تحقير غير مباشر للكفاءات الصاعدة.
نموذج للسلطة قائم على العلاقات لا على المردودية.
فهل ستتحرك المؤسسات للرد؟ أم سنبقى في حلقة "اللامحاسبة" التي تُغذي نفور الشباب من السياسة؟
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك