"وهبي" حصن الثقة والأمان: مهنة التوثيق في قلب المعركة من أجل الاستقرار والشفافية

"وهبي" حصن الثقة والأمان: مهنة التوثيق في قلب المعركة من أجل الاستقرار والشفافية
سياسة / الأربعاء 14 مايو 2025 - 10:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:أبو دعاء

في لحظة فاصلة من تاريخ مهنة التوثيق بالمغرب، أكد وزير العدل عبد اللطيف وهبي أن النهوض بهذا القطاع لم يعد ترفًا بل ضرورة استراتيجية لتأمين المعاملات وصون الحقوق، مشددًا على أن قرنًا من التأسيس لا يكفي دون الارتقاء والمواكبة العصرية.

خلال لقاء وطني احتفالي بمئوية المهنة، أبرز وهبي أن الوزارة نجحت في بناء قاعدة قانونية وتنظيمية للمهنة، لكنها اليوم تضع نصب أعينها تحديًا أكبر: خلق بيئة توثيقية تسهم بفعالية في بناء الثقة وتعزيز الأمن القانوني والمعاملاتي في ظل التحولات المتسارعة.

حديث الوزير لم يخلُ من نقد صريح لبعض الاختلالات، حيث أشار إلى أن الوزارة تعكف على تخليق المهنة، من خلال الحزم في محاسبة التجاوزات وتحديث آليات الضبط والردع، حماية لصورة الموثق وكرامة المواطن في آن.

وفي خطوة لافتة، كشف وهبي عن قرب إصدار قانون جديد ينظم المهنة، يرتكز على شروط ولوج أكثر صرامة، وتكوين أكاديمي ومهني مستمر، ما يترجم إرادة حقيقية في تحويل الموثق إلى فاعل محوري في التنمية القانونية والاستثمارية.

من جهته، شدد هشام صابري، كاتب الدولة المكلف بالشغل، على أن الموثق لا يقل أهمية عن المستثمر، بل هو ضامن له، مبرزًا أن هذا القطاع ضخ أكثر من 10 مليارات درهم لخزينة الدولة، ما يجعله أحد أعمدة الاقتصاد الخفي الذي آن أوانه للظهور في مقدمة النقاش العمومي.

لكن التحديات ليست مالية فقط. الرقمنة وغسيل الأموال، والضغط المتزايد على السرعة والدقة، تجعل من المهنة ساحة مواجهة دائمة مع متغيرات العصر، وهو ما شدد عليه صابري كأولوية وطنية في تحديث الإطار المؤسساتي والمهني للموثقين.

أما قطاع الإسكان، فعبّر عبر كاتب الدولة أديب بن إبراهيم، عن نظرته للموثق كشريك لا غنى عنه في تأمين المعاملات العقارية، وضامن لشفافية السوق العقاري، في وقت تتعاظم فيه المخاطر المرتبطة بالتزوير والنزاعات العقارية.

ولم يفت الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، منير المنتصر بالله، أن يربط بين استقرار المملكة وبين عمل الموثقين، مسلطًا الضوء على أرقام دقيقة: أزيد من 425 ألف عقد توثق سنويًا، عبر شبكة تغطي البلاد بشكل متوازن، في خدمة العدالة الاجتماعية والاقتصادية.

في ذات اللقاء، نوهت النيابة العامة، عبر ممثلتها أمينة أفروخي، بالتقدم الكبير الذي أحرزته الهيئة الوطنية للموثقين، خصوصًا في دمج الرقمنة والدفاع عن المهنة في المحافل الدولية، مؤكدة على موقع الموثق كفاعل دستوري في حماية الحقوق.

وفي قراءة تستحضر العمق التاريخي، ذكّرت نائبة رئيس هيئة الموثقين كنزة لمسفر أن هذه المهنة لم تبنَ في يوم، بل ساهمت فيها أجيال من الموثقين الذين آمنوا بأدوارهم ووضعوا لبنات مؤسسة وثوقية رسخت مع مرور الوقت في وجدان المغاربة.

اللقاء الوطني، الذي جمع نخبة من المهنيين والقضاة والمسؤولين المغاربة والأجانب، لم يكن مجرد احتفال رمزي، بل منصة عصف فكري انكبت على قضايا جوهرية، أبرزها تحديات الذكاء الاصطناعي والرقمنة، والحاجة إلى تشريعات حديثة تواكب الواقع المتحول.

في خضم كل هذه النقاشات، برزت مهنة التوثيق كمحور توازن بين العدالة والاقتصاد، بين المواطن والدولة، وبين الماضي والمستقبل، مؤكدة أن مستقبلها لن يُصان إلا بمزيد من الجرأة التشريعية، واليقظة الأخلاقية، والتجديد المهني الذي يليق بمغرب يتحول بثبات.

 

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك