أنتلجنسيا المغرب:وصال . ل
في خطوة حاسمة على درب إصلاح النظام
الجبائي، صادق مجلس النواب بالأغلبية على مشروع قانون يحمل تغييرات جوهرية في
جبايات الجماعات الترابية، واضعًا حدًا لفوضى التحصيل والازدواجية الإدارية التي
عمرت طويلاً داخل المنظومة المحلية.
الجلسة التشريعية التي عُقدت الثلاثاء
بالرباط، شهدت مناقشات قوية، قبل أن يتم تمرير القانون رقم 14.25 المعدل والمتمم
للقانون رقم 47.06، إيذانًا بانطلاق مرحلة جديدة من الحكامة الجبائية.
وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت أكد
أن هذه التعديلات لا تأتي من فراغ، بل تندرج ضمن توجه ملكي واضح يروم تعزيز
اللامركزية وتحسين تدبير الجبايات على المستوى الترابي، مشيرًا إلى أن الإصلاح
يستند إلى خلاصات المناظرة الوطنية الثالثة للجبايات وإلى مقتضيات القانون الإطار
رقم 69.19 المتعلق بالإصلاح الجبائي الشامل.
النص الجديد يُحدث قفزة نوعية من خلال
إسناد مهمة إصدار وتحصيل رسوم السكن والخدمات الجماعية إلى المديرية العامة
للضرائب، وهي الخطوة التي من شأنها إنهاء مرحلة من التداخل بين الإدارات، مستفيدة
من الكفاءة التقنية والخبرة التي راكمتها هذه المؤسسة في تدبير جبايات الدولة.
من أبرز مستجدات القانون، إقرار مبدأ
"من يصدر هو من يُحصّل"، مع ما يرافق ذلك من تبسيط المساطر وتقليص
النزاعات، مما سيتيح للمصالح الجبائية تحصيل الرسوم بكفاءة أعلى، وتصفية الملفات
العالقة، بل وحتى حل الإشكالات القضائية المرتبطة بالرسمين المذكورين عبر نقلها
إلى المديرية العامة للضرائب بدل الخزينة العامة.
القانون الجديد ينص كذلك على تعديل
جوهري في أسعار الرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية، بعد أكثر من 15 سنة من
الجمود، حيث سيتم اعتماد تسعيرات تصاعدية تراعي مستوى التجهيز في كل منطقة، مع منح
رؤساء الجماعات صلاحية تحديد المناطق المشمولة بالتغيير، شريطة تأشير العمال على
القرار.
وفي السياق ذاته، تم التنصيص على
إحداث "قُباض جماعيين" يعينون بقرارات مشتركة بين الداخلية والمالية، من
أجل مباشرة إجراءات التحصيل، بما في ذلك التحصيل الجبري، وهو ما اعتبره لفتيت
رهانًا كبيرًا على استرجاع الملايير المعلقة منذ سنوات في ذمة دافعي الضرائب
المحليين.
ولم يفت وزير الداخلية التطرق إلى
التنسيق بين وزارته ووزارة المالية لضمان انتقال سلس للمسؤوليات بين الإدارات،
مؤكدًا أن هذا التنسيق سيستمر إلى حين تفعيل الإدارة الجبائية الموحدة على الصعيد
الجهوي، في أفق توحيد تدبير الضرائب والرسوم ذات الطابع المحلي.
التعديلات الجديدة تضع نصب أعينها
أيضًا تحقيق العدالة الجبائية، إذ سيُراعى في احتساب الرسوم مستوى البنية التحتية
وجودة الخدمات المتوفرة في كل منطقة، وهو توجه من شأنه تصحيح الفوارق وتحفيز
الاستثمار العقاري في المناطق التي كانت تتعرض للغبن الجبائي.
المشروع لم يغفل التنزيل العملي
لمقتضياته، إذ التزمت وزارة الداخلية بإصدار دوريات توجيهية للولاة والعمال وآمري
الصرف، من أجل توحيد الفهم وتفعيل الإصلاح دون ارتباك إداري، كما وعد لفتيت بأن
المرحلة المقبلة ستشهد تعديلات إضافية مكملة، لضمان شمولية الإصلاح المنشود.
ويُتوقع أن يساهم هذا التحديث
التشريعي في تقوية مداخيل الجماعات الترابية، مما سيمكنها من تحسين جودة الخدمات
وتوسيع مجالات تدخلها، بعيدًا عن التبعية للمركز، في انسجام تام مع الورش الملكي
لإعادة هيكلة الدولة من القاعدة إلى القمة، عبر ترسيخ لامركزية حقيقية وفعالة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك