أنتلجنسيا المغرب:elbaz
القرار لم يكن عرضياً أو دبلوماسياً، بل جاء مشحوناً برسائل قوية تعبّر عن تصدّع الثقة بين "المصباح" والحكومة الحالية، في سياق توتر مستمر منذ الانتخابات التشريعية التي شهدت تراجعاً تاريخياً للحزب الإسلامي.
إدريس الأزمي الإدريسي، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، قالها بوضوح: "دعوة أخنوش كانت ستُربك المواطنين"، مؤكداً أن الحزب اختار عن وعي عدم توجيه الدعوة إلى زعيم حزب التجمع الوطني للأحرار بسبب "تخربيق تضارب المصالح"، و"الانتقادات المتبادلة" في المنابر الإعلامية.
وبهذا الموقف، ينقل حزب العدالة والتنمية خلافاته من الكواليس إلى واجهة المؤتمرات الكبرى.
ولم يكن عزيز أخنوش وحده خارج لائحة الضيوف، إذ طالت المقاطعة أيضاً إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، ما يعكس حجم الخلافات التي تفصل الإسلاميين عن بعض من كانوا حلفاءهم في مراحل سياسية سابقة.
إلى جانب الجدل السياسي، طرح حزب العدالة والتنمية قضية التمويل، إذ طالب الأمين العام عبد الإله بنكيران وزارة الداخلية بصرف الدعم العمومي المخصص للمؤتمر، والمقدر بـ130 مليون سنتيم. وذكّر بنكيران بأن القانون التنظيمي للأحزاب ينص على تمويل الدولة لنصف ميزانية المؤتمرات الوطنية للأحزاب، لافتاً إلى أن العدالة والتنمية لم يتوصل إلى حدود الساعة بأي مبلغ، رغم أن "المصاريف قد بدأت فعلاً".
خلف الضجة الإعلامية، تُحضّر قيادة العدالة والتنمية لرسم خارطة طريق جديدة عبر أطروحة سياسية "كُتبت من ورقة بيضاء"، حسب تعبير الأزمي.
الوثيقة المرتقبة ستركز على هوية المغرب الإسلامية، وموقف الحزب الراسخ ضد التطبيع مع إسرائيل، إلى جانب مرافعة أيديولوجية تُعيد تعريف علاقة الحزب بالدولة والمجتمع.
وسيحضر مؤتمر الحزب وفد من حركة حماس الفلسطينية، في إشارة واضحة إلى توجهات الحزب الخارجية، وربما تعبير ضمني عن رفض سياسات الحكومة الحالية في هذا الملف.
استبعاد رئيس الحكومة من مؤتمر حزب معارض يُعدّ سابقة في السياق السياسي المغربي، ويؤشر إلى توتر غير مسبوق في العلاقات بين الإسلاميين والسلطة التنفيذية، قد يُعيد طرح أسئلة حول مستقبل التحالفات السياسية، وتوازن القوى بين الأحزاب.
وفي ظل الأزمة الاقتصادية التي ترخي بظلالها على الشارع، وتراجع الثقة في الفاعلين السياسيين، يبدو أن مؤتمر "المصباح" لن يكون مجرد حدث تنظيمي داخلي، بل منصة لإطلاق رسائل سياسية مدروسة بدقة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك