المغرب نموذجا..سياق دولي يعكس عودة الدين إلى الواجهة السياسية

المغرب نموذجا..سياق دولي يعكس عودة الدين إلى الواجهة السياسية
سياسة / الإثنين 27 يناير 2025 15:44:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:الرباط

مع نهاية القرن العشرين، أصبح الدين يشكل عنصراً أساسياً في العلاقات الدولية، متجاوزاً الانقسامات الإيديولوجية والوطنية التقليدية، وقد برز هذا التوجه بشكل خاص من خلال مفهوم “صدام الحضارات” الذي قدمه صامويل هنتنغتون.

ورغم الشهرة الكبيرة التي حازها هذا المفهوم، إلا أنه واجه انتقادات واسعة من قبل مفكرين مثل أمارتيا سن، الذين شددوا على إمكانيات التفاعل السلمي بين الأديان والثقافات.

المغرب كنموذج للتعايش الثقافي والديني

لطالما أكدت الرؤية المغربية، التي كرستها دستورياً وثائق مثل دستور 2011، على أهمية التنوع الثقافي والديني باعتباره إرثاً مشتركاً. ومن أبرز المبادرات المغربية التي تعزز هذا الالتزام:

القرار الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2019 لتعزيز الحوار بين الأديان ومكافحة خطابات الكراهية.

“نداء القدس”، الذي وقعه جلالة الملك محمد السادس مع قداسة البابا فرنسيس، والذي يدعو إلى الحفاظ على القدس كرمز للتعايش السلمي.

نهج جديد لمواجهة التحديات العالمية

يهدف كرسي الجغرافيا السياسية للثقافات والأديان إلى تطوير منهجية مزدوجة:

وصفية لتحليل الصراعات والتوترات القائمة.

توجيهية لوضع حلول تعزز السلام عبر التعاون بين الثقافات والأديان.

يستلهم هذا النهج فكره من أعمال مفكرين بارزين مثل ابن خلدون، الذي بحث في التفاعلات بين الدولة والدين والمجتمع، وماكس فيبر الذي قدم تحليلات رائدة حول علاقة الأخلاق الدينية بتطور المجتمعات.

في هذا السياق، تم بالعاصمة الرباط، إطلاق كرسي “جيوسياسية الثقافات والأديان” بأكاديمية المملكة المغربية، ويأتي إحداث هذا الكرسي الذي يترأسه الأنثروبولوجي فوزي الصقلي، من أجل تعزيز قيم المشترك الإنساني ورفع الوعي بغنى الاختلافات وحتمية التعايش بين الثقافات والديانات، والإسهام في تطوير المعرفة وفتح آفاق جديدة للبحث والابتكار من أجل نشر ثقافة السلم والوئام ونبذ العنف والتطرف.

معالجة التحديات العالمية الراهنة

في ظل عالم يعاني من تحديات كبرى تشمل:

التوترات الدينية والهوياتية مثل الوضع في القدس أو النزاعات الأخيرة في غزة.

تأثيرات العولمة والنماذج الحضارية البديلة 

التغيرات المناخية والتهديدات التكنولوجية والتحديات الديموغرافية.

يسعى الكرسي إلى تقديم استجابات ملموسة لهذه القضايا عبر الاعتماد على قيم إنسانية وروحية مشتركة.

رسالة سلام ورؤية للتعايش

انطلاقاً من الآية القرآنية: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا” (الحجرات: 13)، يدعو المغرب إلى تعزيز التعاون الدولي القائم على احترام الكرامة المتساوية بين الشعوب والأديان.

يمثل افتتاح هذا الكرسي خطوة جديدة تؤكد ريادة المملكة المغربية على الساحة العالمية في بناء حوار حضارات يرتكز على التنوع الثقافي والديني كركيزة أساسية لحلول مستقبلية أكثر انسجاماً واستدامة.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك