أنتلجنسيا المغرب: فهد الباهي/م.إيطاليا
تحول المشهد الإعلامي المغربي ليلة بث
تسريبات قناة بديل إلى ساحة صدمة جماعية بعدما تكشفت مداولات داخل لجنة أخلاقيات
المهنة والقضايا التأديبية، وهي المداولات التي يفترض أنها النموذج الأعلى في
حماية شرف المهنة، فإذا بها تتحول – وفق ما ظهر في الفيديوهات – إلى مساحة
للانفلات اللفظي والتجريح والسلوكيات التي توصف بأنها منافية تمامًا لكل ما تم
الاتفاق عليه من قيم مهنية وأخلاقية. هنا، وجدت الرابطة المغربية للصحافة المهنية
نفسها أمام واجب إصدار موقف صريح، حازم، وقادر على إعادة الاعتبار لما بقي من هيبة
مؤسسات التنظيم الذاتي قبل أن يفقد القطاع آخر عناصر ثقته.
في هذا البلاغ الناري، الذي يشكل ردًا
مباشرًا على ما تم تسريبه، شددت الرابطة على أن مضمون تلك التسجيلات، إن صحت
نسبتها، لا يضرب فقط في مصداقية اللجنة المؤقتة، بل يوجه طعنة مباشرة لقيم المهنة
نفسها، ولمنطق العدالة الذي يجب أن يظل فوق أي مزاج أو نزعة شخصية، خاصة حين يتعلق
الأمر بملفات حساسة تخص صحفيين، منهم من يعيش أصلاً تحت ضغط المحاكمات أو التعسفات
كما هو حال الصحفي حميد المهداوي. الأخطر، وفق الرابطة، هو ما بدا كأنه سلوك مقصود
لتوريط مؤسسات أخرى، على رأسها القضاء، في معارك لا تمت لجوهر العمل المهني بصلة.
وتوقفت الرابطة عند ما وصفته بالمعطيات
“البالغة الخطورة” التي ظهرت في بعض المقاطع، كالإيحاء بوجود استفادات من حملات
إعلانية عمومية مقابل قرارات تأديبية تطال صحفيين مستقلين. هذه النقطة تحديدًا
جعلت الرابطة تطالب بتحقيق شامل، لا يقتصر على المقاطع المسربة، بل يشمل تسجيلات
كل مداولات اللجنة منذ بدء عملها، حتى تتضح الصورة من دون رتوش أو التباسات، ويتم
تحديد المسؤوليات الفعلية بدل ترك الأمور في دائرة الشبهات.
وأمام هذا الانهيار الأخلاقي الذي
كشفت عنه التسريبات، طالبت الرابطة بإيقاف عمل اللجنة المؤقتة فورًا، وتمديد
صلاحية بطاقة الصحافة المهنية لسنة إضافية، باعتبار أن استمرار اللجنة بصيغتها
الحالية لم يعد ممكنًا ولا مقبولًا، خاصة وأن الوزير الوصي، بصفته صاحب قرار تعيين
عدد من أعضائها، يتحمل مسؤولية سياسية وأخلاقية عن هذا الوضع المختل. الرابطة ذهبت
أبعد من ذلك ودعت إلى تجميد النقاش حول مشروع قانون الصحافة الجديد إلى أن تستكمل
التحقيقات وتستعاد الثقة في المؤسسات.
وفي ختام بلاغها، أكدت الرابطة
المغربية للصحافة المهنية أن القطاع يعيش لحظة مفصلية تتطلب جرأة، ووضوحًا،
ومصارحة، وأن الإصلاح الحقيقي لا يمكن أن يتم إلا عبر إشراك المهنيين والتنظيمات
النقابية التي حذرت مرارًا من انحرافات مسار إعادة هيكلة المجلس الوطني للصحافة.
الرسالة كانت واضحة ومباشرة: لا إصلاح بلا شفافية، ولا شفافية بلا محاسبة، ولا
محاسبة بلا إرادة سياسية تضع مصلحة المهنة فوق كل اعتبار.
نــــص البــــــــلاغ كامـــــلا:
بلاغ للرأي العام
الرابطة المغربية للصحافة المهنية تطالب بتحقيق عاجل بعد تسريبات صادمة حول لجنة أخلاقيات المهنة
تابعت الرابطة المغربية للصحافة المهنية الجدل الواسع
الذي أثارته تسجيلات تم بثها مساء 20 نونبر 2025 على قناة "بديل" بمنصة
يوتيوب، والتي توثّق لمداولات داخل لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية
التابعة للجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر، بخصوص شكاية مرفوعة ضد الصحفي
حميد المهداوي.
واعتبرت الرابطة المغربية للصحافة المهنية أن ما ورد في
هذه التسجيلات – في حال صحة نسبتها – يشكل معطيات خطيرة تمس جوهر التنظيم الذاتي
للمهنة ونزاهة القطاع واستقلاليته، سواء من حيث المضامين أو اللغة المستعملة أو
الأسلوب الذي وصفته بأنه "حاط بالكرامة الإنسانية" وصادر عن أعضاء داخل
الجهاز المفترض أن يحمي أخلاقيات المهنة لا أن ينتهكها.
وأشارت الهيئة المهنية إلى أن بعض المقاطع المتداولة
تتضمن محاولات "رعناء" لتوريط المؤسسة القضائية في ملفات ذات صلة
بصحفيين، إضافة إلى معطيات تصفها الرابطة بأنها "بالغة الخطورة" وتفرض
التعامل معها بأقصى درجات المسؤولية والشفافية.
وفي هذا السياق، أعلنت الرابطة المغربية للصحافة المهنية
ما يلي:
1. إدانتها الشديدة لما تضمنته التسجيلات من أقوال وسلوكيات
"تضرب في الصميم" قيم التنظيم الذاتي للصحافيين وتمس بمصداقية العمل
المؤسساتي داخل القطاع.
2. دعوتها إلى تحقيق شامل في كل ما ورد بالتسجيلات، بما في ذلك
تسجيلات كل مداولات لجنة الأخلاقيات، مع الكشف عن الحقيقة كاملة وتحديد المسؤوليات
دون استثناء.
3. التحقيق في شبهات استفادة أعضاء داخل اللجنة من حملات إشهارية لمؤسسات عمومية مقابل استهداف صحفيين مستقلين بعقوبات تكون في الغالب بسحب البطاقة، مع فتح تحقيق موازٍ في هذه المعطيات.
4. مطالبتها بتفعيل كل المقتضيات القانونية لتوقيع العقوبات
المستحقة على أي طرف يثبت تورطه في ممارسات قد تمس استقلالية القرار القضائي أو
مصداقية المهنة.
5. تجميد عمل اللجنة المؤقتة المكلفة بتسيير القطاع، مع تمديد
صلاحية بطاقة الصحافة المهنية لسنة إضافية، إلى حين انتخاب مجلس جديد "مستقل
وشفاف" يمثل الصحافيين بشكل ديمقراطي.
6. تحميل الوزير الوصي على القطاع كامل المسؤولية، باعتباره
"المهندس الفعلي" للجنة المؤقتة والطرف الذي اختار عدداً من أعضائها
الذين ظهروا في التسريبات.
7. تجميد النقاش التشريعي حول القانون الجديد للصحافة في انتظار
استكمال التحقيقات المرتقبة وتوضيح الصورة.
وفي الأخير، شددت الرابطة المغربية للصحافة المهنية على
أن الحفاظ على مكتسبات القطاع يتطلب إرادة فعلية للإنصات للمهنيين والتنظيمات
النقابية والمهنية التي تعترض على مشروع القانون الخاص بالمجلس الوطني للصحافة.
عن المكتب
التنفيذي للرابطة المغربية للصحافة المهنية .
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك