المغرب في مسار التمكين الإفريقي: نحو رؤية تنموية متكاملة

المغرب في مسار التمكين الإفريقي: نحو رؤية تنموية متكاملة
بانوراما / الأحد 19 أكتوبر 2025 - 13:08 / لا توجد تعليقات:

تهنئه بمناسبه ذكرى عيد الشباب المجيد

بقلم : علي تستاوت

تشهد المملكة المغربية الشريفة مرحلة تحول نوعي في مسارها التنموي، قوامها رؤية متبصّرة تجمع بين استدامة الموارد والانفتاح الاستراتيجي على إفريقيا. لم يعد البناء الاقتصادي في المغرب مجرد عملية تحديث للبنية التحتية أو تنويع للقطاعات الإنتاجية، بل أصبح رؤية متكاملة تهدف إلى ترسيخ نموذج تنموي يقوم على التوازن بين الإنسان والمجال، وبين الطموح الوطني والبعد الإفريقي.

منذ مطلع الألفية، برزت الرؤية الملكية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله كقوة دافعة لإعادة صياغة موقع المغرب في إفريقيا، ليس فقط كشريك اقتصادي، بل كفاعل تنموي يمتلك خبرة في مجالات البنية التحتية، والطاقات المتجددة، وإدارة الموارد المائية. هذه الرؤية جعلت من التعاون جنوب-جنوب ركيزة أساسية في السياسة المغربية، تقوم على تقاسم التجربة ونقل المعرفة بدل منطق التبعية أو المساعدات الظرفية.

فالمملكة المغربية الشريفة لم تتعامل مع التنمية الإفريقية كملف خارجي، بل كامتداد طبيعي لرؤيتها الداخلية في تحقيق الاستدامة والعدالة المجالية. ومن خلال المشاريع الكبرى، مثل تطوير الموانئ وشبكات النقل والطاقة الشمسية والريحية، برز المغرب كدولة تجمع بين الصرامة التقنية والحكمة الاستراتيجية.

إن ما يميز التجربة المغربية هو هذا الوعي بأن التنمية ليست أرقامًا في التقارير، بل علاقة متوازنة بين الأرض والإنسان، بين الذاكرة والمستقبل. فحين تتحدث الرؤية الملكية عن إفريقيا، فهي لا تنظر إليها كسوق جديدة، بل كفضاء مشترك للنهضة والتكامل. وهذا ما يجعل المغرب اليوم فاعلًا أساسيًا في إعادة بناء الخريطة التنموية للقارة.

لقد أضحى التوجه نحو الاستدامة، في الماء والطاقة والبناء، ليس مجرد خيار بيئي، بل ضرورة استراتيجية لضمان الأمن الاقتصادي والاجتماعي. فكل مشروع في المغرب اليوم يحمل بعدًا مزدوجًا: محليًا يعزز جودة العيش، وإفريقيًا يفتح آفاق التعاون التقني والمعرفي.

بهذا المعنى، فإن المملكة المغربية الشريفة تواصل ترسيخ مكانتها كجسر حضاري واقتصادي بين الشمال والجنوب، معتمدة على عمقها الإفريقي وثقافتها في بناء الشراكات المستدامة. وما يميز هذه المسيرة أنها تنطلق من الثقة في الذات، والإيمان بقدرة الإنسان المغربي على الإبداع والإسهام في صناعة مستقبل أكثر توازنًا وعدلًا.

 

 

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك