أنتلجنسيا المغرب: فهد الباهي/م.إيطاليا
الحقيقة أني "حشمت نقولها "،
ولكن .
حين تخرج تسريبات خطيرة تمس وزيرًا
يشغل منصبًا حساسًا، ثم لا يُكذبها ولا يتوارى، بل يُمعن في تأكيدها بطريقة
مستفزة، فاعلم أنك أمام نموذج صارخ من الذين يقولون: "خودو الكومير
حرفي"، وكأننا نعيش في زمن العبث السياسي.
وأستعير هنا مقولة بنكيران الشهيرة:
"فهمتوني ولا لا؟"
الوزير المعني، والذي لن أذكر اسمه
خوفًا من أن يُطالبني بتعويض مليار، وأنا لا أملك حتى تذكرة الطائرة، أتنقل
بـ"العباية" و"حداء"، لا شركة لدي، ولا رصيد في الأبناك، فقط
كلمة حرة... وهذا وحده أصبح جريمة في عهد وزراء "خارج التغطية"، الذين
يهربون ثرواتهم في حسابات الزوجات تحسبًا لأي زلة قد تطيح بهم أمام المحاسبة.
لكن صاحبنا يصرّح بها ويتبجح
"شغّلو هداك، لا عفا الله
عليه"... فهمتوني ولا لا؟
الوزير وقع في المحظور، بخروجه الأرعن
الذي كشف الكثير من المستور. صراحة، لا أرى فيه كفاءة ولا جدارة ليشغل منصبًا
حكوميًا، لكننا في زمن أصبح فيه كل شيء ممكنًا، رجل يتحدث في كل شيء: من روائح
"التقاشر" إلى شهادات "موريال"، يتهرب من الضرائب ويخترع لنفسه
تشريعات تفصّل على مقاس أسرته .
وعندما تحاوره؟ يدور لك
"الكومير"... فهمتوني ولا لا؟
بصراحة، لا يحتاج الأمر إلى كثير من
التفكير، الوزير المقصود أصبح معروفًا لدى الجميع... وزير "التقاشر"،
رجل يثير الجدل أكثر مما يقدم من منافع للقطاع الذي أوكلت له مسؤوليته، يتحدث
كثيرًا، يفعل قليلًا، ويغضب حين يُنتقد، وكأن الوزارة تركة ورثها عن أجداده .
الأرقام صادمة، والمقارنات مُهينة،
الوزير تمكن من تسديد مبلغ إحدى عشرة مليار سنتيم في أربع سنوات فقط، في حين يقضي
الموظف البسيط عمره كاملاً، أربعًا وثلاثين سنة، ليؤدي ثمن شقة بالكاد تبلغ 40
مليون سنتيم، ومع ذلك يظل مهددًا بالطرد إن تأخر عن قسط واحد، أما الوزير، يسدد
الملايير كأنها فواتير ماء وكهرباء... فهمتوني ولا لا؟
كمواطن بسيط، يحق لي أن أتساءل.
من أين لك هذا؟
من أين جاءت هذه الملايير؟
وهل هي من عرق الجبين أم من حبر
التواقيع؟
الوزير لم يعُد موضوع تساؤل فقط، بل
صار لغزًا اقتصاديًا يجب أن يُدرّس في مدارس المال والأعمال... إن لم يُفتح فيه
تحقيق علني وشجاع .
لسنا ضد الأشخاص أن يكونو
"مرفحين"، ولكننا مع وضوح المؤسسات، وإذا كان الوزير يعتقد أن
"الكومير" مجرد مزحة، فنحن نقول، الكومير أصبح رمزًا لزمن سريالي، حيث
يُكافأ من يتهرّب من أداء الضرائب، ويُحاكم من يفضح.
زمنٌ نحتاج فيه إلى مساءلة لا تُساير،
وعدالة لا تُجامل... فهمتوني ولا لا؟
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك