أنتلجنسيا المغرب:فهد الباهي/م.إيطاليا
أصبحت
عبارة "سيستام طايح" مثل لازمة وطنية متكررة في كل ركن إداري، تُقال
ببساطة على ألسن الموظفين وكأنها دعابة ميتة تُخفي خلفها انهياراً كاملاً لنظام
اشتغال الدولة، الإدارات العمومية، من المحاكم إلى المقاطعات، من الأبناك إلى
الوكالات، كلها تحولت إلى معاقل للصمت والشلل، بينما الدولة تنزف خسائر مالية ضخمة
يومياً لا تُحصى وسط صمت حكومي غير مبرر.
أما المواطن، فقد صار ضيفاً غير مرغوب فيه في مملكته الإدارية، تتقاذفه الأعذار الجوفاء مثل "غدا رجع، السيستام طايح" .
في ظل هذا الانهيار، تبرز مفارقة
قاتلة، المواطن ممنوع من قضاء حاجياته، والدولة محرومة من مداخيل ضرورية، بينما
الموظف العمومي يتقاضى راتبه كاملاً دون تقديم أي خدمة تُذكر، هنا، لا يمكن لوم
الموظف نهائيا، لأنه ببساطة محاصر بعبارة واحدة تبرر كل عجز، من الجهات المكلف
بشبكة الاتصال، والموظف لا يقوم بمهامه لأنه بكل بساطة "سيستام طايح".
لكن من المسؤول عن هذا ؟
من يتكفل بصيانته "بسيستام لي طايح"
؟
ومن يحاسب عن عرقلته المستمرة تركت "سيستام
طايح" ؟
لا أحد يجب المواطن، فقط صمت رسمي
كصمت المقابر من الجهات الحكومية المسؤولة.
ما يثير السخرية المرة، أن انهيار هذا
النظام المعلوماتي لا يقتصر على منطقة دون أخرى، بل هو عام شامل، من طنجة إلى
الكويرة، الإدارة الرقمية، التي بشرت بها الحكومة ذات يوم، تحولت إلى عائق رقمي،
يكبل الخدمات ويُغرق المواطنين في متاهة الانتظار، وكأننا في مرحلة ما قبل
الكهرباء.
المؤلم أن كل ذلك يحدث في زمن يُفترض
أنه زمن السرعة والرقمنة والتسهيل، فكيف يُعقل أن "سيستام طايح" أصبح
الجواب الرسمي لكل أزمة؟ .
وزارة الاتصال لا تتحدث، ومدير
اتصالات المغرب لا يشرح للمواطن، المسؤولون في صمت يشبه التواطؤ، وكأنهم في إجازة
مفتوحة من المحاسبة والشفافية لأن "سيستام طايح"، أما الإعلام الرسمي،
فيفضل الحديث عن حفلات الربيع وأيام الشعر، وتافهين العادي والبادي يعرفهم ويجعل
منها مشاهير موسميين، بدلاً من فتح النقاش حول تعطل قطاع يشكل العمود الفقري
للبلاد ويكلف خسائر مالية يوميا، تفويت تحصيل عائدات مالية مهمة، وموظفون في
الإدارات بدون عمل يتقاضون أجورهم الشهرية .
هذا الصمت الرسمي يهدد بفقدان الثقة
العامة بين المواطن والحكومة، ويكرس فكرة أن الحكومة لا تُعنى بمواطنيها إلا في
موسم الانتخابات.
الخطير في الأمر، أن المغرب يستعد
لاحتضان تظاهرات رياضية عالمية ضخمة، وعلى رأسها كأس إفريقيا وكأس العالم 2030.
فهل يُعقل أن نستقبل العالم
بـ"سيستام طايح"؟
كيف ستُدار الوفود والوثائق
والمعلومات والإجراءات والتصاريح إذا كانت أبسط إدارة لا تشتغل؟
إذا لم تُعلن حالة طوارئ رقمية فورية،
ويتم تحريك المساءلة، فسنجد أنفسنا أمام فضيحة عالمية عنوانها: المغرب يرحب بكم..
لكن "سيستام طايح".
"زيرو شوية السباط" .
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك