تنزيل برامج التنمية: من المحلي إلى الوطني

تنزيل برامج التنمية: من المحلي إلى الوطني
مقالات رأي / الخميس 13 نونبر 2025 / لا توجد تعليقات: تهنئة بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء المظفرة

بقلم : الدكتور.محمد أحدو

​لا شك أن المشاورات التي انطلقت بخصوص التنمية تثير سؤالاً أساسياً حول دور المؤسسات المنتخبة المحلية ومسؤوليتها في تحقيقها. يكمن التساؤل الجوهري: هل ينطلق سؤال التنمية من قاعدة فوقية (مركزية) ليمر إلى الهياكل والمؤسسات التحتية؟

أم أن الإجابة عن إشكالية التنمية لا بد أن تنبع وتتبلور من المحلي، لتنتقل تصاعدياً إلى ما هو إقليمي فجهوي، ثم وطني؟

إن الإجابة عن هذا التساؤل تُمثّل القاعدة الأساس في بناء أي تصور تنموي فاعل وواقعي. فالتنمية الفعالة تتطلب بالضرورة اعتماد منهجية قاعدية (من الأسفل إلى الأعلى)، تبدأ من تشخيص دقيق للاحتياجات المحلية.

​إن نقاش التنمية يقتضي أولاً وقبل كل شيء تجميع قاعدة بيانات حول الاحتياجات المحلية بطريقة علمية ومدروسة.

يجب أن تنطلق هذه العملية من ترتيب الأولويات والحاجيات المُلحة نحو المشاريع الطموحة. هذا العمل المنهجي لا يمكن أن يتم عبر مجرد لقاءات استشارية عابرة أو تجميع آراء متناثرة تهدف فقط إلى إضفاء بعد تشاوري ظرفي، بل يجب تنظيمه عبر مقترحات مُصاغة بدقة ومخرجات ورشات عمل محلية وتقارير علمية صادرة عن مبادرات مدنية أو  عن المصالح المعنية وتوصياتها المتخصصة.

إن هاته  اللقاءات  قد تعلن عن إفلاس حقيقي لمؤسسات الجماعات المحلية في القيام بدورها تجاه المواطن. هذه المؤسسات هي المعنية الأولى بالإجابة عن إشكالية التنمية المحلية في مجالها الترابي ؛ فالمفروض في النخب السياسية التي اختارت تدبير الشأن العام أن يكون لديها تصور مُسبق ومُتكامل للحاجيات المحلية، وهي المَنُوط بها، بالتشاور مع مختلف القوى المحلية، صياغة مشروع حقيقي  لتنمية مجالها، والدفاع  والترافع عن هذا المشروع في علاقتها بالجهات الوصية إقليمياً وجهوياً ومركزياً.

​إن التداول في موضوع التنمية المحلية، انطلاقاً من المقتضيات الدستورية وقوانين الحكامة الترابية، يمثل عملية تراكمية لا تختزل في لقاءات محددة في الزمان والمكان. بل هو موضوع يُبنى انطلاقاً من وضع السياسات المتبعة محلياً وإقليمياً وجهوياً ووطنياً للمراجعة والنقد والمساءلة المستمرة. هذه المراجعة تسمح بتصحيح الأعطاب ووضع قوانين وإجراءات تضمن التنزيل الأمثل للتنمية.

يتحقق ذلك عبر التأكيد على مبدأ ضمان شفافية العملية الديمقراطية وتخليق المشهد الانتخابي والسياسي والحد من كل معيقات التنمية على كافة المستويات. فالتنمية لا تُرسخ إلا بوجود إرادة حقيقية وفاعلة تبدأ من الدولة (كراعي وموجه) ولا تنتهي إلا بتفعيل دور ومشاركة المواطن (كمستفيد وشريك).

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك