بقلم : سمير بوزيد عضو مؤسس و نائب رئيس سابق الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب
تمهيد
يُعد القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات علامة تشريعية رائدة في السياق المغربي والإقليمي. بادئ ذي بدء، فهو يُكرّس للمرة الأولى حق الوصول إلى معلومات المؤسسات العمومية انطلاقًا من الفصل 25 من الدستور لسنة 2011، ويلزم الجهات بنشر معلومات استباقية لتعزيز الشفافية والمشاركة (1). ومن الجدير بالملاحظة أنه مرّ بمراجعات تشريعية مكثفة قبل إقراره عام 2018 (3) .
إلا أنه، لا يكفي النص القانوني وحده لتحقيق الشفافية، ففي واقع الأمر تُظهر التجارب إكراهات بنيوية عميقة. وعليه، يعتمد هذا التحليل على تقرير لجنة CDAI لعام 2024 ومصادر رسمية أخرى، مشيراً إلى مكاسب حقيقية مقابل عقبات تنفيذية (9).
في هذا الإطار، تحققت مكاسب عدة، منها
التكريس الدستوري للحق وإنشاء هيئة رقابية مستقلة (CDAI) (7). فضلاً عن ذلك، شهدت الفترة إرساء بوابات
رقمية وطنية، ويلاحظ أن انضمام مجلس النواب للبوابة الوطنية كان خطوة إيجابية
نموذجية.
بناءً على ذلك، تشير المؤشرات إلى
تقدم متفاوت؛ فعلى سبيل المثال، قفزت الطلبات من 769 (2019) إلى 6904 (2024)، مع
معالجة نسبة عالية في بعض القطاعات مثل الوزارات. وتجدر الإشارة إلى أن 32% من
الشكايات كانت ضد الجماعات الترابية. رغم ذلك، بقي معدل الرفض مرتفعًا (نحو
35.75%)، مما يعكس فجوة بين الوعد والواقع.
من زاوية أخرى، تواجه الفعالية تحديات
جوهرية تحول دون الشفافية الكاملة:
1. أولاً، استمرار ثقافة الإغلاق الإداري
واللجوء المفرط للاستثناءات في المادة 7 (2).
2. ثانياً، وجود آجال معالجة طويلة (تجاوز 20
يوماً في 40% من الحالات) وغموض في التكاليف.
3. ثالثاً، نقص الموارد البشرية والتنظيمية،
خاصة في الجماعات الترابية.
4. رابعاً، ضعف النشر الاستباقي (لا يتجاوز
20% من المعلومات المطلوبة).
5. خامساً، غياب عقوبات رادعة على الامتناع
المتعمد (5).
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على
فجوة بين النص والتطبيق. ولتوضيح ذلك، يعد نشر معطيات الصفقات والميزانيات أداة
للرصد، وقد أكد تقرير CDAI على حالات رُبط
فيها رفض الإفصاح بمحاولات إخفاء تجاوزات، مما يحد من التأثير الوقائي نتيجة نسبة
الرفض المرتفعة.
تماشياً مع ذلك، نشطت مبادرات
إصلاحية؛ من جهة مارس المجتمع المدني ضغوطاً من خلال حملات توعية، ومن جهة أخرى
قدمت CDAI تقاريرها السنوية
(6). ولذلك ينبغي الأخذ بعين الاعتبار المقترحات الرامية لمراجعة الاستثناءات
وتعزيز استقلالية اللجنة، مع توسيع الشراكات الرقمية.
وانطلاقاً مما سلف، تبرز توصيات
أساسية لتحويل القانون إلى أداة فعالة:
1. حرصاً على الفعالية، يجب تشديد وضوح
الاستثناءات في المادة 7 بمعايير موضوعية (4).
2. لابد من سن عقوبات مالية وتأديبية على
الامتناع غير المبرر.
3. على المستوى العملي، يجب ضمان مجانية النسخ
في حالات المصلحة العامة مثل مكافحة الفساد.
4. ومن الضروري توسيع النشر الاستباقي
إلزامياً عبر بوابة موحدة.
5. كما يجب تعزيز تكوين المكلفين (برامج
لـ10,000 موظف) والمنظومات الرقمية.
6. وحري بنا ذكر ضرورة حماية المبلغين بتشريع
يضمن السرية.
7. أخيراً، ضمان استقلالية وموارد كافية للجنة CDAI مع صلاحيات تحقيقية.
واستخلاصاً لما سلف، يمثل القانون
إرادة تشريعية قوية واختراقاً مؤسسياً يعزز التزام المغرب الدولي بالشفافية (1).
لكن لا تزال فعاليته مقيدة بعوائق تنفيذية بنيوية.
وبناءً عليه، فإن تحويله لأداة فعالة
لمكافحة الفساد يمر عبر حزمة إصلاحات شاملة في المجالين القانوني والإجرائي. إن
تحويل الشفافية من شعار إلى واقع يتطلب أدوات إنفاذ تحول الإفشاء إلى قاعدة والرفض
إلى استثناء نادر.
المراجع
1. "الإطار الدستوري والتشريعي للحق في
الحصول على المعلومات"، espaceconnaissancejuridique.com، 8
فبراير 2025.
2. "تحديات تطبيق قانون الحق في الحصول
على المعلومات في المغرب"، carnegieendowment.org، 1
يوليو 2024.
3. "الحق في الحصول على
المعلومات"، mmsp.gov.ma، 31 ديسمبر 2024.
4. "تقرير حول الحق في الحصول على
المعلومات في المغرب"، athaqafia.ma5tv.ma،
25 سبتمبر 2025.
5. "تقرير يدعو إلى إصلاح شامل لقانون
الحق في الحصول على المعلومات"، thevoice.ma،
12 ديسمبر 2025.
6. "تعديل قانون الحق في الحصول على
المعلومات.. خطوة جديدة لتعزيز الشفافية"، kawalisserif.com، 11 فبراير 2025.
7. "الحق في الوصول إلى
المعلومات"، acaps.ma، 9 يوليو 2025.
8. "الحق في الحصول على المعلومات في
المغرب وواقع الوعي المجتمعي"، simsim.ma،
18 سبتمبر 2025.
9. الموقع الرسمي للجنة التنسيق والدفاع عن
حق الوصول إلى المعلومات (CDAI)،
cdai.ma، 8
أغسطس 2025.
10. "الحق في المعلومة"، cspj.ma، 2025.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك