بقلم : مصطفى الرميد/وزير العدل سابقا
إن من جملة المستحدثات التشريعية المقترحة في مشروع القانون التنظيمي المتعلق
بمجلس النواب، نص المادة 51 المكررة التي ورد فيها الاتي:
(يعاقب بالحبس من سنتين الى خمس سنوات، وبغرامة من 50000درهم
الى000 100 درهم، كل من بث او وزع تركيبة مكونة من اقوال شخص او صورته، دون
موافقته، او نشر او اذاع او نقل او بث او
وزع خبرا زائفا ،او ادعاات او وقائع
كاذبة، او مستندات مختلقةاو مدلس فيها ،بقصد المساس بالحياة الشخصية باحد الناخبين
او المترشحين او التشهير بهم، باي وسيلة، بما في ذلك شبكات التواصل الاجتماعي ،او شبكات
البث المفتوح او اذوات الذكاء الاصطناعي
او اي منصةالكترونية ، او
تطبيق يعتمدالانتيرنيت او الانظمة
المعلوماتية.
يعاقب بنفس العقوبة كل من قام او ساهم او شارك ، باي وسيلة من الوسائل المشار اليها ، في الفقرة اعلاه،في نشر او اذاعة او نقل او
بث او توزيع اشاعات او اخبار زائفة بقصد التشكيك في صدقية ونزاهة الانتخابات ) .
غير ان البعض اعتبر ان
الفقرة الثانية من هذه المادة ، تضمنت
تحجيرا على حرية التعبير ،ومصادرة للحق في ابداء الراي.
والحقيقة انه من الصعب قبول هذا المقتضى، دون
توفيرمقدماته وشروطه ، كما انه من الصعب رفضه على اطلاقه ، خاصة وان التجريم
ارتكز ليس على مجرد ابداء الراي، او على مجرد التعبير عن الموقف ، وانما تاسس
على نشر او اذاعة او نقل اوبث او توزيع
اشاعات او اخبار زائفة.
ذلك ان
الدمقراطية الانتخابية تتطلب ضمان
جملة شروط ،اولها شروط نزاهة
الانتخابات، سواءمنها التشريعية او
العملية، والتي تضمن من جهة ،حياد
الادارة، كما تضمن من جهة اخرى، التنافس الشريف بين اطراف العملية الانتخابية.
واذا تم ضمان ذلك، فان من شروط الممارسة الدمقراطية
السليمة ايضا، الاعتراف بالنتائج المقررة، وعدم التشكيك في نزاهة الانتخابات
وصدقيتها ،من خلال نشر الأخبار الزائفة،
والاشاعات المسمومة.
وهذا مايلاحظ في الدول العريقة دمقراطيا، اذ بقدر ماتم
توفير ضمانات الانتخابات النزيهة، بقدر ماادى ذلك الى ضمان الاعتراف بنتائجها، الا
في حالات استثنائية، لايقاس عليها ، كحالة
ترمب في الولايات المتحدة الأمريكية،
وبولسورانو في دولة البرازيل.
لذلك ، فان الراي عندي، هو ان يبادر من يهمه الامر من
الأحزاب، الى الاعلان عن الضمانات القانونية والعملية اللازمة لنزاهة الانتخابات،
كما هو مقرر في الدول الدمقراطية، كمقدمة لقبول المقترح التشريعي الوارد في الفقرة
الثانية من المادة اعلاه.
اما الرفض بعلة ان الإدارة
تستهدف تحصين الفساد الانتخابي، فانه يمكن ان يقابل بادعاء ان الجهات الرافضة،
تريد ان تبرر هزيمتها ، وتحصن طعنها غير المبرر في الانتخابات ، وبالتالي
الابقاء على حالة التبخيس ، وخدمة دعاة العدمية و التيئيس.
ان من جملة ماينبغي الانتباه اليه في هذا السياق، هو
وجوب تخفيض عدد المكاتب الانتخابية الى اقل مستوى ممكن، حتى تتمكن الاحزاب من
توفير ممثلين لها في كافة المكاتب، او على
الاقل ، في اغلبها، لتكون شاهدة من خلالهم على صدقية العملية الانتخابية ،
وبالتالي تطمئن النفوس الى النتائج، كما
ان ذلك يستوجب تمكين المراقبين من نسخ
المحاضر المنجزة، بمقتضى توقيعات من يهمهم
الامر، وغير ذلك مما تستوجبه اي عملية انتخابية نزيهة.
هكذا، فان الدمقراطية الانتخابية كتلة من
الإجراءات والتدابير، التي ان توفرت ، استوجبت ، بالفعل، تجريم الأخبار الزائفة،
والاشاعات المغرضة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك