أنتلجنسيا المغرب: فهد الباهي/م.إيطاليا
من واجبي كمواطن مغربي، يعشق تراب الوطن ويغار على صورته
في الداخل والخارج ولو أني أعيش دروب الغربة بحلوها ومرها، أن أتناول بعض المواقف
والقرارات التي تضع البلاد اليوم على مفترق طرق حاسم، في معركةر مصيرية ضد الفساد والجريمة، بكل أنواعها، الجريمة
السياسية والإجتماعية والإجرامية..في النهاية كلها جرائم.
ورغم أنني لست خبيرًا قانونيًا، فإن ما يهمني، وما يهم
كل مواطن مغربي غيور، هو رؤية القانون يُطبق كما يجب، بلا انتقائية، وبلا تردد، حماية لمصلحة الوطن وكرامة المواطنين.
أجد أن الفصل 245 من القانون الجنائي المغربي، الذي
يعاقب بالسجن والغرامة كل من استغل منصبه أو سلطته لتحقيق مصلحة شخصية، هو فصل
جوهري في محاربة تضارب المصالح، خاصة داخل المؤسسات العمومية ومراكز القرار، لكنه،
وكما يعلم الجميع، ليس كافيًا في ذاته، لأن النص مهما كان دقيقًا، يظل حبرًا على
ورق إن لم يرافقه إرادة صلبة، وصرامة في التنفيذ، وموقف وطني لا يساوم مع المفسدين
مهما كانت رتبهم أو مواقعهم.
المغرب اليوم يعيش مرحلة دقيقة تتطلب مواقف واضحةة،
وإجراءات جريئة، لا مجال فيها للرمادية أو التواطؤ بالصمت "كحل ولا بيض" .
أوضح أكثر، فقد تعب المغاربة من تكرار الشعارات، ومن
الوعود التي لم تترجم إلى واقع، ها قد آن الأوان لتفعيل القانون بصرامة، ومعاقبة
كل من سولت له نفسه العبث بالمال العام أو التلاعب بمصالح الشعب من داخل موقعه
السياسي أو الإداري، فخيانة الأمانة ليست مجرد مخالفة، بل جريمة وطنية بكل
المقاييس، تستحق أقصى العقوبات التي يمكن أتصل إلى الإعدام بلا شك، ليغرد من شاء
التغريد بالإدعاءات الفارغة المبنية على شعارات حقوق الإنسان.
أهم حقوق الإنسان هي، الحق في الحياة، الحرية، الأمن،
التعليم، الصحة، العمل، المشاركة السياسية، المساواة أمام القانون، حرية التعبير،
وحرية التنقل .
إنه في 11 أبريل 2025، نفذت ولاية "كارولاينا" الجنوبية
حكم الإعدام بحق المواطن الأمريكي "ميكال دين ماهدي"، البالغ من العمر
42 عامًا، باستخدام فرقة الإعدام، حيث أدين "ميكال دين ماهدي" بقتل ضابط
شرطة خارج الخدمة في عام 2004، حيث أطلق عليه النار تسع مرات وأضرم النار في جثته،
بالإضافة إلى قتل موظف محطة وقود في ولاية "كارولاينا الشمالية" .
اختار "ميكال دين ماهدي" تنفيذ الحكم عليه
بواسطة فرقة الإعدام، معتبرًا إياها "أهون الشرور الثلاثة" مقارنة بطرق
الإعدام الأخرى، تم تنفيذ الحكم في سجن برود ريفر الإصلاحي، بحضور تسعة أشخاص، من
بينهم أحد أفراد عائلة الضحية وممثلون قانونيون
.
أمريكا، التي تُقدَّم كأيقونة لحقوق الإنسان، لم تتردد
قبل أيام في تنفيذ حكم الإعدام في حق جانح قاتل، لتؤكد أن لا أحد فوق القانون مهما
كانت الشعارات.
لماذا أمريكا التي تتغنى بحقوق
الإنسان لم تلتزم بها وتصدرها لدول العالم الثالث وتلزمنا بها ؟.
نحن لا نطلب شيئًا مستحيلاً.
نطلب فقط عدالة حقيقية.
نطلب مساواة أمام القانون، نطلب أن يُحاسب القاضي إن
ظلم، والمسؤول إن خان، والمنتخب إن تاجر بأصوات الناس، والشرطي، والدركي، والطبيب،
والأستاذ، والعامل، نحتاج صرامة حقيقية
.
نطلب أن نرى رموز الفساد خلف القضبان، لا في المقاعد
الأولى.
نطلب فقط أن يصبح للعدالة سيف يُشهر على رقاب من أكلوا
خيرات البلاد بغير وجه حق.
الملك محمد السادس، بموقفه الحازم وبتوجيهاته الأخيرة،
أطلق إشارة قوية على أن زمن التساهل قد انتهى، ربما تكون رحلة جديدة نحو أفق يتطلع
إليه المغاربة، فقد جاء قراره بإعطاء الضوء الأخضر للجهات السياسية المختصة بتسريع
تعديل الفصل 507 من قانون المسطرة الجنائية، والتفاعل مع صوت المواطنين، الفصل
الذي يُشدد العقوبات على حاملي الأسلحة البيضاء، كرسالة حاسمة بأن المواطن فوق كل
اعتبار، وأن سلامته خط أحمر لا يُسمح بتجاوزه، مهما كانت الذرائع.
إذ، يجب أن يطبق القانون 507 أيضا على
الجميع و"الفراقشية" بالدرجة الأولى، لأن جشعهم وطمعهم وسرقاتهم لحقوق
الأولين هي من تجعل الوضع على ما هو عليه.
التحول الجذري في سياسة الدولة تجاه الجريمة المنظمة
والعنف العشوائي الذي كان يجتاح بعض الأحياء، يعكس تحولا عميقًا في فلسفة الأمن
الوطني، فحين يُقر القانون المؤبد لمجرد حيازة سلاح أبيض في الشارع، دون حتى
استخدامه، فنحن أمام دولة تقول بكل وضوح، لا تساهل مع التهديدات مهما كانت صغيرة
في ظاهرها.
وهذا القرار السياسي، في جوهره، ليس فقط حماية للمواطن،
بل هو استعادة لهيبة الدولة، وقطع الطريق على من اعتقدوا أن بإمكانهم فرض قانونهم
الخاص على حساب أمن الآخرين، إنه انتصار حقيقي للمواطن، ولصوت الحق الذي ظلّ
مبحوحًا طويلاً في أزقة مظلمة طالها الإهمال والتسيب.
لكن مواجهة الجريمة في الشارع، يجب أن توازيها مواجهة لا
تقل حزمًا مع جرائم الفساد الإداري والنهب الممنهج للمال العام، فالمجرم الذي يشهر
سكينه في وجه المارة لا يختلف كثيرًا عن ذاك الذي يوقع صفقة مشبوهة تسرق ملايين
الدراهم من ميزانية التعليم أو الصحة، كلاهما يعتدي، وكلاهما يجب أن يُعاقب.
لا يمكن الحديث عن دولة قوية دون قضاء نزيه، ولا عن
تنمية حقيقية دون إدارة شريفة.
فلا إصلاح بدون رجال ونساء في مواقع القرار يؤمنون بقيم
النزاهة، ويضعون المصلحة العامة فوق الحسابات الضيقة، وحين نقول لا لتضارب
المصالح، فإننا نقصد القطع مع عقلية "أنا ومن بعدي الطوفان" التي
أوصلتنا إلى حدود ما يمكن وصفه بالانفجار الاجتماعي.
ولكي ننجح في هذه المعركة، نحن بحاجة إلى مصالحة وطنية
شجاعة، لكن لا على أساس التعويضات المادية، بل على أساس الاعتراف بالمسؤوليات،
والمحاسبة العادلة، لا نريد مصالحة تُكرّم الفاسدين باسم التسامح، بل مصالحة تُؤسس
لعدالة انتقالية حقيقية، تنهي مرحلة التواطؤ واللامحاسبة إلى غير رجعة، من حقي
كمغربي مهاجر، وفي أرض الوطن الأم، أن أتنفس هذا الوطن، أن أعيش فيه بكرامة، أن لا
يُنظر إلي كمجرد رقم في إحصائيات الدولة
". AMO"، من حقي أن
أطالب بمؤسسات تحترمني، وقوانين تحميني، ومسؤولين لا يبيعون قراراتهم لمن يدفع
أكثر، ومن واجبي، في المقابل، أن أدافع عن أمن واستقرار بلدي، وأن أصفق لكل قرار
ملكي، وسياسي ونقابي - مدني، يعيد لنا الإيمان بأننا لسنا وحدنا في هذا النضال.
في هذا السياق، لا يسعني إلا أن أحيي بشدة التوجهات
الملكية الحاسمة في هذا الباب، التي أخرجت الدولة من وضعية المراقب الصامت، إلى
فاعل مباشر في رسم ملامح مرحلة جديدة، هي مرحلة تتطلب منا، جميعًا، أن نكون على
قدر التحدي، وأن نساهم كل من موقعه في بناء مغرب جديد، مغرب لا مكان فيه للفساد،
ولا للظلم، ولا لليأس.
اليوم، نحن أمام فرصة تاريخية لإعادة ترتيب البيت
المغربي، تحت راية واحدة، وقيادة ملك لا يكتفي بالكلام، بل يبادر بالفعل، ومرحى
بكل مواطن قرر أن يقف إلى جانب الحق، دون انتظار مقابل.
هكذا تُبنى الأوطان، وهكذا ينتصر الوطن.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك