البشر الذين استعاروا أصوات وحركات الكلاب والمعز والغنم… صدمة السويد وبريطانيا

أنتلجنسيا المغرب: فهد الباهي/م.إيطاليا

في شوارع إنجلترا الهادئة عادة، ظهر مشهد غريب حوّل الرصيف إلى مسرح سوريالي، أشخاص يلبسون جلود الكلاب ويزحفون على الأرصفة مطلقين نباحًا حقيقيًا، وكأنهم خرجوا من حكاية خيالية لا يصدقها عقل. المفاجأة أن الظاهرة لم تبق مجرد هواية شخصية، بل تحولت إلى عمل مدفوع الأجر، حيث يستأجر البعض هؤلاء "المتشبهين بالكلاب" لتأدية أدوارهم، فيما يكتفي آخرون بالقيام بها طوعًا لإشباع رغبة دفينة لا تفسير لها حتى الآن.

الأنظار تحولت بسرعة إلى علماء النفس الذين وجدوا أنفسهم أمام معضلة جديدة، إذ عجزت القوالب التقليدية عن تصنيف هذا السلوك، بعضهم وصفه باضطراب نفسي حديث العهد، فيما اعتبره آخرون شكلاً من أشكال الهروب من صرامة الواقع وضغوطه، الجدل العلمي اتسع أكثر مع انتشار مقاطع الفيديو على منصات التواصل الاجتماعي التي وثّقت هذه الممارسات الغريبة.

وإذا كان تقمص الكلاب قد صدم المتابعين في البداية في إنجلترا، فإن فريقًا آخر أكثر غرابة ظهر في السويد يرتدي أزياء الغنم والمعز، ويجوب الشوارع مرددًا أصوات الثغاء بطريقة متقنة، هؤلاء لا يتحدثون إطلاقًا، مكتفين بتقليد الحيوانات في كل تفاصيلها، مما جعل المشهد أقرب إلى لوحة ساخرة من مسرح عبثي كبير، وفتح أبوابًا واسعة للتأويلات والنقد.

مواقع التواصل الاجتماعي اشتعلت بالتعليقات الساخرة والانتقادات، بين من اعتبر الأمر مجرد موضة شاذة سرعان ما ستختفي، وبين من رآها ناقوس خطر ينذر بتحولات اجتماعية مقلقة في أوروبا، الصور والفيديوهات المنتشرة حصدت ملايين المشاهدات، ومعها تزايدت الحيرة حول حدود الحرية الشخصية وأين تنتهي حين تتحول إلى مشاهد جماعية تثير الصدمة.

الظاهرة إذن ليست مجرد حكاية طريفة عابرة، بل مؤشر على اضطراب أعمق يسائل المجتمع السويدي حول أزماته النفسية والوجودية، وبينما يصر البعض على النظر إليها كمرحلة عابرة للفت الانتباه، يتخوف آخرون من أن تتحول إلى موجة أوسع قد تنسف ما تبقى من خطوط فاصلة بين الإنسان والحيوان، في زمن أصبح فيه الاستغراب نفسه جزءًا من الحياة اليومية.