أنتلجنسيا المغرب: فهد الباهي/م.إيطاليا
في مشهد غير مألوف وغير مسبوق، شهدت
شوارع المغرب في فاتح ماي 2025 احتجاجات نسائية غريبة في مضمونها ومطالبها، حيث
رفعت شعارات تصوّب سهامها نحو الرجل، لا ضد الرأسمالية أو شروط العمل القاسية كما
جرت العادة في مثل هذا اليوم.
"العيالات" يطالبن
بالمساواة مع الرجل حتى في "شقاء ديال الكوزينة ورضاعة"، وكأن ما تبقى
من كيان الأسرة المغربية بات مستهدفًا من الداخل لا الخارج.
الأغرب أن بعض الرجال ظهروا وسط هذه المسيرات وكأنهم يزكّون خطابًا لا يحمل سوى العداء لهم، خطاب يحمّلهم كل أعباء الماضي والحاضر، ويطالبهم بالتنازل حتى عن فطرتهم في دور الأبوة، "بغاونا نديرو خدمة العيالات نعام أسي"، بعد أن طالبت نساء غاضبات بأن يشاطرهم الرجال مهمة رضاعة الأطفال، ولو عبر القنينات والعلب المصنعة، في مشهد يثير السخرية أكثر مما يثير التفكير "عمري جات في بالي هذا الطلب".
هذا التحول في الخطاب الاحتجاجي
النسائي، من مواجهة السياسات النيوليبرالية إلى صراع مباشر مع الرجل داخل الأسرة،
يفتح الباب على مصراعيه أمام تساؤلات مقلقة حول من يقف فعلاً وراء هذا التوجيه
الغريب، ومن يسعى إلى ضرب ما تبقى من تماسك المجتمع والأسرة عبر شعارات ظاهرها
المساواة وباطنها الفتنة.
لم نسمع عن جداتنا وأمهاتنا مثل هذه
المطالب، ولم يكن الرجل المغربي يوماً عدواً للمرأة بل شريكها في مواجهة الحياة،
فهل نحن أمام موجة جديدة من التصحّر العاطفي والتفكيك الاجتماعي باسم الحقوق التي
تمنح لمن لا يستحقونها لعدة أسباب، أم أن هناك من يحرك الخيوط في الخفاء لهدم كل
ما هو ثابت ومتجذر في ثقافتنا؟ .
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك