حين يسافر الزوج تنهار حصون بيت الزوجية وتُفتح أبواب الشك والجسد

حين يسافر الزوج تنهار حصون بيت الزوجية وتُفتح أبواب الشك والجسد
المرأة / الأحد 08 يونيو 2025 - 17:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:وصال . ل

تمر المرأة بمخاض نفسي واجتماعي معقد حين يرحل عنها زوجها لسنوات، خاصة حين تكون الهرمونات في أوجها والحياة الزوجية قد بدأت للتو، في لحظة كان من المفترض أن تُبنى فيها الحميمية، فإذا بها تُهدم بالحواجز والمسافات.

السفر الطويل للزوج لا يترك فقط فراغًا في الفراش، بل يخلف جرحًا في الروح وفراغًا في القلب، حيث تتحول الزوجة إلى مشروع انتظار قاتل، تتحمله جسديًا، وتُجلد به نفسيًا.

المرأة، بطبيعتها العاطفية والبيولوجية، لا تملك أزرارًا لتطفئ بها الرغبة أو تؤجل بها الحاجة، فهي ليست آلة تنتظر إعادة التشغيل بعد سنوات، بل كائن ينبض بالحياة، يحتاج الاحتضان كما يحتاج الأكسجين.

حين يسافر الزوج، تتبدد الأحلام، ويتحول الزواج من علاقة تشاركية إلى حالة طوارئ عاطفية، تصبح فيها الزوجة أقرب إلى متصوفة في معبد الانتظار، تتلو دعاء الصبر وتتوجع في صمت.

لكن الصبر لا يعني الجمود، ففي لحظة ضعف، قد تلجأ بعض النساء إلى العادة السرية هروبًا من الكبت، أو الأسوأ، السقوط في مستنقع الخيانة، ليس حبًا بالخيانة ولكن كُرهًا بالوحدة والفراغ.

الدراسات الاجتماعية والنفسية التي أُنجزت في هذا الباب تشير إلى أن نسبة كبيرة من حالات الخيانة الزوجية ترتبط مباشرة بغياب الزوج لفترات طويلة، إذ يتحول الزواج إلى ورقة رسمية بلا حرارة ولا معنى.

الزوجة التي تُترك خلف الباب الموصود في غياب الرجل، لا تعيش حياتها، بل تعيش "تأجيلًا للحياة"، فتُحرم من حقها في الأمان العاطفي والجسدي، فتتآكل كرامتها بين نظرات المجتمع ووساوس الضمير.

المرأة لا تُولد خائنة، لكنها حين تُترك وحدها تواجه المجتمع، تواجه الشك، تواجه الفراغ، تواجه الليل والبرد دون دفء، يصبح من السهل أن تتسلل الخيانة من تحت الباب المغلق.

في ثقافتنا الذكورية، تُلقى اللائمة كلها على المرأة، ولا يُسأل الرجل عن سبب الغياب، ولا تُحاسب الهجرة على تدمير مؤسسة الزواج، بل تُحاكم فقط من انهزمت في المعركة النفسية والجسدية.

الهجرة، حين تكون طويلة ومفتوحة، لا تقتل العلاقة فقط، بل تُحول المرأة إلى جثة حية، تمشي في البيت وتبتسم للمجتمع، بينما تنهار في داخلها آلاف المرات، وتخوض معاركها وحدها.

المجتمع لا يريد أن يفهم أن الزواج ليس فقط نفقة، بل مشاركة يومية، دفء، لمسة، كلمة، جسد ينبض إلى جانب الجسد، وعندما يُسلب هذا الحضور، يصبح الزواج مهددًا بالانقراض الأخلاقي.

في العمق، القضية ليست جنسية فقط، بل نفسية واجتماعية أيضًا، فالشوق المؤلم، الإحساس بالتهميش، الفراغ في الفراش والمائدة والمحادثة، يفتح كل الأبواب الموصدة في روح الأنثى.

المرأة حين تُهمل، لا تنطفئ فقط، بل تبدأ بالبحث عن ذاتها المفقودة، وأحيانًا تفشل في هذا البحث، فتقع فريسة لمن يوهمها بالحضور، حتى وإن كان ذلك الحضور مدفوعًا بنوايا خسيسة.

ليس من العدل أن نبني زواجًا ثم ننسحب منه باسم لقمة العيش، فالعيش لا يكون كريمًا حين يُنتزع الحب ويُستبدل بالتحويلات المالية والاتصالات المتقطعة.

الاستقرار الأسري ليس ترفًا بل ضرورة، والغياب الطويل للرجل عن بيته هو خيانة غير معلنة لكل وعود الزواج، لأن الشراكة لا تُبنى عبر المسافات بل تحت سقف واحد.

المرأة التي لا تجد من يلمس يدها، لا تجد من يسمع شكواها، لا تجد من يحاورها، تصبح مرشحة للسقوط في مهاوي القهر أو الخيانة، والمجتمع يكتفي بالتشهير دون أن يسأل عن السبب.

إننا أمام معضلة أخلاقية واجتماعية، تقتضي إعادة النظر في نمط الهجرة وضرورتها، ومتى تكون حلًا ومتى تكون سببًا مباشرًا لانهيار الكيان الأسري والإنساني.

الزواج يحتاج لدفء يومي، لمس مشترك، نظر في العيون، حديث قبل النوم، أما الرسائل الباردة والمكالمات السريعة، فلا تُبقي للعلاقة سوى الهيكل الفارغ.

إذا كانت المرأة خائنة لأن زوجها غاب، فالخيانة الكبرى كانت قراره بالغياب الطويل دون ترتيب نفسي أو جسدي معها، ومن هنا يبدأ النزيف الذي لا تراه الدولة ولا المؤسسة.

علينا أن نعيد النظر في معنى الزواج ومعنى الغياب، فلا أحد يضمن أن يظل قلب المرأة مُجمدًا سنة أو سنتين، وهي ترى العمر يمضي دون حضن، دون كلمة، دون رجل.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك