أنتلجنسيا المغرب:أبو فراس
في اعتراف صادم، اختار وزير العدل عبد اللطيف وهبي، اليوم الثلاثاء 23 دجنبر الجاري، خلال مداخلته بمناسبة جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين،(اختار) تبرير فشل الدولة في تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لفائدة الأجراء، محمّلاً الأزمة المالية للمقاولات وحدود القانون مسؤولية ضياع حقوق آلاف العمال، في موقف يكشف بوضوح أن الحكومة تخلت عملياً عن واجبها في حماية الفئات الأكثر هشاشة.
وهبي أقرّ بأن الأحكام النهائية قد تبقى بلا تنفيذ عندما تعجز الشركات عن الأداء، معتبراً أن القانون لا يستطيع خلق إمكانيات غير موجودة، غير أن هذا الطرح، وإن بدا قانونياً، يعني سياسياً واجتماعياً شيئاً واحداً، الأجير يمكن أن يُطرد، ويُحرم من أجره وتعويضاته، ثم يُترك لمصيره بعد حكم قضائي لا قيمة عملية له.
فبدل البحث عن حلول حقيقية، اختارت الحكومة، عبر وزير عدلها، الاكتفاء بسرد الأعذار، من “صعوبة المقاولة” إلى تعقيد المساطر، في وقت يواجه فيه العمال البطالة والفقر وضياع الحقوق.
فالأجراء، وفق هذا المنطق، مطالبون بالصبر على إفلاس الشركات، وانتظار مساطر طويلة، وربما سنوات، دون أي ضمانة اجتماعية تحمي كرامتهم.
والحديث عن محدودية القانون وعدم إمكانية تحميل المساهمين المسؤولية بسهولة، يكشف في العمق عن غياب إرادة سياسية لإصلاح تشريعي حقيقي ينحاز للعمال.
فالدولة التي تعجز عن فرض تنفيذ أحكام قضائية لفائدة الأجراء، هي دولة تقبل ضمنياً بأن يتحول العامل إلى ضحية دائمة لمنظومة تحمي رأس المال أكثر مما تحمي الإنسان.
أما التلويح بآليات اجتماعية مرافقة أو صناديق محتملة، فقد بدا وكأنه هروب إلى الأمام، خاصة مع الإقرار بعدم جاهزيتها أو صعوبة تنزيلها، وهو ما يؤكد أن الحكومة لا تملك تصوراً استعجالياً لمواجهة مآسي فقدان الشغل وتعثر المقاولات، رغم أن الأزمة قديمة ومتكررة.
إن ما عبّر عنه وهبي ليس مجرد توصيف قانوني، بل إعلان غير مباشر عن عجز حكومي واضح، تُترك فيه فئة الأجراء بلا حماية فعلية.
فالدولة، عندما تعجز عن إنصاف العمال بعد صدور الأحكام، تتحول من ضامن للحقوق إلى شاهد صامت على الظلم.
والعدالة التي لا تُنفذ ليست عدالة، بل خذلان رسمي لفئة تؤدي دائماً ثمن الأزمات، دون أن تحظى بأي حماية حقيقية.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك