ثروات بلا أثر وديون بلا سقف والمغرب يغرق في المديونية رغم الفوسفاط والذهب والبحر

ثروات بلا أثر وديون بلا سقف والمغرب يغرق في المديونية رغم الفوسفاط والذهب والبحر
اقتصاد / السبت 13 دجنبر 2025 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين

يعيش المغرب اليوم تحت ثقل مديونية متفاقمة، تطرح أسئلة محرجة حول جدوى السياسات الاقتصادية وحسن تدبير الثروات الوطنية، في وقت يفترض فيه أن تشكل مداخيل الفوسفاط والذهب وقطاع الصيد البحري رافعة حقيقية للتوازنات المالية وتقليص اللجوء إلى الاستدانة.

غير أن الواقع يكشف مفارقة صارخة، بلد غني بالموارد، لكنه مثقل بالديون، ومجتمع يدفع كلفة اختيارات لا يلمس ثمارها.

الأرقام الرسمية، تؤكد أن الدين العمومي واصل منحاه التصاعدي خلال السنوات الأخيرة، سواء على مستوى المديونية الداخلية أو الخارجية، ما انعكس مباشرة على الميزانية العامة للدولة عبر تضخم خدمة الدين، التي تبتلع جزءاً مهماً من الموارد العمومية على حساب الاستثمار الاجتماعي والخدمات الأساسية.

هذا الوضع يطرح إشكال الاستدامة المالية، ويجعل الاقتصاد الوطني أكثر هشاشة أمام التقلبات الدولية وارتفاع أسعار الفائدة.

والمفارقة الأكبر، تكمن في تزامن هذا الغرق في المديونية مع تحقيق عائدات مهمة من قطاعات استراتيجية.

فالفوسفاط، باعتباره ثروة سيادية، حقق مداخيل قياسية في فترات متعددة، كما أن قطاع الصيد البحري يظل من بين الأكثر إنتاجاً وتصديراً، ناهيك عن الثروات المعدنية الأخرى التي يجري استغلالها، وعلى رأسها الذهب.

ورغم ذلك، لا ينعكس هذا الغنى الطبيعي، لا على تراجع الدين ولا على تحسين ملموس في مستوى عيش المواطنين.

هذا التناقض يعيد إلى الواجهة سؤال الحكامة وتوزيع الثروة، إذ يبدو أن عائدات الموارد الطبيعية لا تُوظف ضمن رؤية تنموية شاملة، بل تُستهلك في سد عجز بنيوي متراكم، أو تُهدر بفعل اختيارات اقتصادية قصيرة النفس، وغياب ربط حقيقي بين الثروة والإنتاج الاجتماعي.

كما أن استمرار الاعتماد على القروض الخارجية، بدل بناء اقتصاد منتج ومتنوع، يعمق التبعية المالية ويقيد هامش القرار السيادي.

وفي ظل هذا الوضع، تتحول المديونية من أداة تمويل ظرفية إلى عبء هيكلي ترثه الأجيال المقبلة، دون أن تستفيد بالمقابل من بنية اقتصادية قوية أو خدمات عمومية ذات جودة.

ومع تزايد الضغوط الاجتماعية وارتفاع كلفة المعيشة، يزداد الإحساس بأن ثروات البلاد لا تدار بما يخدم الصالح العام، بل تُفرغ من مضمونها التنموي.

إن استمرار المغرب في هذا المسار، يفرض نقاشاً عمومياً صريحاً حول من يستفيد فعلياً من الثروات الوطنية، ولماذا لا تشكل هذه الموارد درعاً واقياً من الاستدانة المفرطة.

فبلد يملك الفوسفاط والذهب والبحر، ولا يزال يغرق في الديون، لا يعاني من ندرة الإمكانات بقدر ما يواجه أزمة اختيارات ومسؤوليات.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك