أنتلجنسيا المغرب:عبد الله البارودي
مع اقتراب سنة 2025 من نهايتها، يزداد الحديث داخل الأوساط الاقتصادية والمالية عن هشاشة الوضع الاقتصادي المغربي، وتراجع مؤشرات النمو، واتساع رقعة الهشاشة الاجتماعية، وسط انتقادات حادة لأداء حكومة عزيز أخنوش التي رفعت شعارات “الدولة الاجتماعية” و”الإقلاع الاقتصادي”، لكنها تركت في الواقع اقتصاد البلاد يواجه أعمق أزماته منذ أكثر من عقد.
ففي الوقت الذي كانت فيه الحكومة تعِد بانتعاش مالي وبناء اقتصاد قوي قائم على الاستثمار والتشغيل والابتكار، تكشف الأرقام واقعًا آخر: تضخم مرتفع رغم تراجعه الدولي، بطالة متصاعدة، عجز تجاري صادم، تراجع القدرة الشرائية، وغليان اجتماعي يعكس حجم الفشل في تدبير المرحلة.
العديد من الخبراء يجمعون اليوم على أن هشاشة الاقتصاد المغربي ليست نتاجًا ظرفيًا، بل نتيجة مباشرة لاختيارات حكومية اتّسمت بعدم الفعالية، وانحياز واضح للفاعلين الاقتصاديين الكبار، وغياب رؤية اقتصادية حقيقية قادرة على مواجهة الضربات الخارجية وموازين المضاربات الداخلية.
ورغم أن الحكومة تروّج لخطاب “الإصلاحات”، فإن الواقع يظهر عكس ذلك: الاستثمار العمومي لم يحقّق الإقلاع الموعود، وتدبير ملفات الطاقة والمحروقات ظل رهين مصالح كبرى، بينما استمرت أسعار المواد الأساسية في الارتفاع دون تدخل فعّال من الدولة. أما برامج التشغيل التي رُوّج لها إعلاميًا، فقد بقي أثرها ضئيلاً وغير قادر على الحد من بطالة الشباب، التي أصبحت اليوم من بين أعلى المستويات في المنطقة.
من جانب آخر، ظل الاقتصاد المغربي معتمدًا على قطاعات قليلة وغير مضمونة الاستقرار، وعلى رأسها الفلاحة التي تتأثر بتقلبات المناخ، والقطاع السياحي الذي لا يمكن التعويل عليه لضمان نمو مستدام. هذه البنية الضعيفة جعلت المغرب يدخل سنة 2025 بقدمين ثقيلتين، ويخرج منها بديون أعلى، ونمو متباطئ، وتفاوت اجتماعي أكثر حدّة.
وفي ظل كل هذا، تتحمّل حكومة أخنوش المسؤولية السياسية والاقتصادية الكاملة عن الوضع. فبعد أربع سنوات من الوعود الضخمة، لم يتحقق “البديل الاقتصادي” الذي تحدث عنه رئيس الحكومة؛ بل ازدادت المؤشرات تدهورًا، وتعمقت الهوة بين خطاب السلطة وواقع المواطن. وإذا كان المغرب قد عبَر أزمات أقسى في الماضي، فإن ما يختلف اليوم هو غياب رؤية حكومية حقيقية، وغياب إرادة سياسية لمواجهة لوبيات الاحتكار التي صارت تسيّر قطاعات حيوية دون حسيب أو رقيب.
ومع دخول المغرب سنة 2026، يبدو أن البلاد بحاجة إلى مراجعة عميقة للنموذج الاقتصادي، وتغيير جذري في طريقة التسيير الحكومية. فاستمرار نفس النهج سيعني ببساطة استمرار الهشاشة، وتكريس الاقتصاد الريعي، وتوسع دائرة الفقر، وهو ما يهدد ما تبقى من الثقة العامة في المؤسسات.
الاقتصاد المغربي اليوم أمام لحظة مفصلية، والمسؤولية عن هذا الوضع لا يمكن تجميلها أو توزيعها… إنها مسؤولية مباشرة لحكومة عزيز أخنوش التي لم تنجح في حماية اقتصاد البلاد ولا في تحسين حياة المواطنين.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك