أنتلجنسيا المغرب:أيوب الفاتيحي
تشهد سوق الاتصالات في المغرب تحولات متسارعة تعكس تغيّراً في ميولات المستهلكين وطريقة إدارتهم لعلاقتهم مع الفاعلين الثلاثة في القطاع.
فقد واصلت شركة "اتصالات المغرب"، التي لطالما كانت الفاعل التاريخي المهيمن، فقدان قاعدة زبنائها بوتيرة مقلقة، في مقابل صعود لافت لمنافسها المباشر "أورونج المغرب"، الذي بات يُسجل أرقاماً إيجابية تضعه في موقع الصدارة ضمن بعض الفئات الحيوية للخدمة.
أرقام تنذر بالخطر للفاعل التاريخي
وفقاً لمعطيات حديثة صادرة عن الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات (ANRT)، تراجعت حصة "اتصالات المغرب" في السوق، سواء على مستوى الهاتف المحمول أو الإنترنت، بشكل واضح خلال الأشهر الأخيرة.
وقد كشف التقرير أن الشركة فقدت عدداً مهماً من المشتركين، خاصة في خدمات الجيل الرابع (4G) والإنترنت المنزلي، ما يُعكس تراجع الثقة في أدائها، ويطرح علامات استفهام حول استراتيجيتها التنافسية.
"أورونج" تكسب الرهان وتخطف الأضواء
في المقابل، تواصل "أورونج المغرب" تقدمها بثبات. إذ تُظهر الإحصائيات تسجيلها لنمو متزايد في عدد الزبناء الجدد، لا سيما ضمن فئة الشباب والمشتركين في خدمات الإنترنت المنزلي عالي الصبيب.
ويعزو مراقبون هذا الصعود إلى اعتماد الشركة سياسة تسويقية مرنة، وتحسين جودة الخدمة، وطرح عروض أكثر جاذبية مقارنة بالمنافسين، بالإضافة إلى تواصل فعال مع الزبناء عبر المنصات الرقمية.
ما الأسباب خلف تراجع "اتصالات المغرب"؟
يرى خبراء في مجال الاتصالات أن تراجع "اتصالات المغرب" يعود إلى جملة من العوامل:
ضعف الابتكار في العروض مقارنة بالمنافسين.
جودة الشبكة التي لم تواكب طموحات الزبناء في بعض المناطق، خصوصاً في الهواتف المحمولة والإنترنت المحمول.
أسعار مرتفعة نسبياً مقارنة بخدمات "أورونج" و"إنوي".
تراجع صورة الشركة في الإعلام الرقمي بسبب شكاوى الزبناء على مواقع التواصل الاجتماعي.
بين التنافس ومصلحة المستهلك
يعتبر بعض المتابعين أن هذا التحول الإيجابي في خريطة السوق يُعد صحياً من منظور تنافسي، لأنه يُرغم الفاعلين على تحسين عروضهم وجودة خدماتهم. فالزبون المغربي أصبح أكثر وعياً، وأقل وفاءً للعلامة، وأكثر ميلاً لاختيار من يمنحه جودة أفضل وسعراً معقولاً.
تحديات المرحلة المقبلة
مع احتدام المنافسة بين شركات الاتصالات الثلاث، سيكون على "اتصالات المغرب" أن تُعيد النظر في استراتيجيتها، وأن تطور عروضاً أكثر مرونة وتفاعلاً مع انتظارات المستهلك المغربي، وإلا فإن خسارتها للحصة السوقية قد تتحول إلى نزيف دائم.
من جانبها، سيكون على "أورونج" أن تُحافظ على ديناميتها، وأن تُثبت قدرتها على تقديم خدمات مستقرة وعالية الجودة دون الاكتفاء بالحملات التسويقية.
إجمالا، قطاع الاتصالات في المغرب يشهد مخاضاً جديداً، يُعيد رسم خريطة اللاعبين ويُحرك دينامية المنافسة. فبين شركة تاريخية تفقد زبناءها، ومنافس صاعد يقتنص الفرص، يبقى الزبون المغربي هو الحكم الأخير، وهو أيضاً المستفيد الأول... إذا استمر الضغط على الفاعلين في الاتجاه الصحيح.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك