الطماطم والفواكه المغربية تكتسح الأسواق الإسبانية وتُشعل نيران القلق في أوساط المزارعين الأوروبيين

الطماطم والفواكه المغربية تكتسح الأسواق الإسبانية وتُشعل نيران القلق في أوساط المزارعين الأوروبيين
اقتصاد / الأحد 08 يونيو 2025 - 19:15 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:للا الياقوت

في ظرف خمس سنوات فقط، تحولت المنتجات الزراعية المغربية من خيار مكمل في الأسواق الأوروبية إلى منافس شرس بات يُهدد مستقبل الزراعة الإسبانية، وفق ما أعلنه الاتحاد الإسباني لجمعيات منتجي ومصدري الفواكه والخضروات "فابيكس"، في تقرير حديث كشف عن قفزة غير مسبوقة لواردات الفواكه والخضروات المغربية نحو إسبانيا، خاصة خلال الربع الأول من عام 2025.

صادرات مغربية تسجل أرقاماً قياسية

بحسب أرقام "فابيكس"، فقد بلغت واردات إسبانيا من الفواكه والخضروات الطازجة القادمة من المغرب 188,076 طناً بقيمة 481 مليون يورو، أي بزيادة قدرها 24% من حيث الحجم و23% من حيث القيمة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024. هذه القفزة جعلت من المغرب المزود الأجنبي الأسرع نمواً في السوق الإسبانية، متفوقاً على منافسين من داخل الاتحاد الأوروبي وخارجه.

الطماطم المغربية تزيح نظيرتها الإسبانية

أكثر ما أثار حفيظة المنتجين الإسبان هو الصعود السريع لصادرات الطماطم المغربية، التي باتت تحتل المرتبة الأولى ضمن السلع الزراعية المستوردة من المغرب. إذ قفزت صادرات الطماطم المغربية نحو إسبانيا من 24,118 طناً في الربع الأول من 2024 إلى 32,313 طناً في نفس الفترة من 2025، مسجلة نمواً قدره 34% من حيث الحجم، و57% من حيث القيمة بعد أن ارتفعت من 33.4 مليون يورو إلى 52.5 مليون يورو.

هذا الأداء القوي دفع "فابيكس" إلى التحذير من أن أسعار الدخول المحددة في اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب أصبحت متجاوزة ولم تعد تؤدي الغرض الحمائي للسوق الأوروبية، مما يشكل تهديداً مباشراً لما تسميه "السيادة الغذائية الإسبانية".

فلفل وفاصولياء: المغرب يحافظ على موقعه رغم التراجع الطفيف

في المرتبة الثانية، حل الفلفل المغربي الذي بلغ حجمه 32,046 طناً، مسجلاً تراجعاً طفيفاً بنسبة 2% مقارنة بعام 2024، غير أن قيمته ارتفعت إلى 42.6 مليون يورو، بزيادة 4%، ما يعكس استقراراً في الطلب على الرغم من تراجع الكمية.

أما صادرات الفاصولياء الخضراء، فقد سجلت انخفاضاً ملحوظاً بنسبة 17% من حيث الحجم و12% من حيث القيمة، لتبلغ 19,601 طناً بقيمة 42 مليون يورو. ويرجع ذلك، حسب المتتبعين، إلى عوامل موسمية أو تحولات في العرض والطلب داخل السوق الأوروبية.

خمس سنوات من التوسع المغربي في السوق الإسبانية

تشير الأرقام إلى أن المغرب يعرف نموًا مطّردًا في صادراته الزراعية نحو إسبانيا للسنة الخامسة توالياً. فقد انتقلت الكميات المصدرة من 156,229 طناً في الربع الأول من 2021 إلى 188,076 طناً في 2025، أي بزيادة إجمالية بنسبة 20%، فيما ارتفعت القيمة المالية من 311 مليون يورو إلى 481 مليون يورو، ما يمثل نموًا لافتًا بنسبة 54% في خمس سنوات فقط.

قلق إسباني من "اللعب غير المتكافئ"

إلى جانب الأرقام، عبّر الاتحاد الإسباني "فابيكس" عن قلق متزايد من تبعات هذه الطفرة المغربية على مستقبل الزراعة الأوروبية. واعتبر أن المنتجات القادمة من المغرب لا تخضع لنفس المعايير الصحية والبيئية والاجتماعية المفروضة على المزارعين الأوروبيين، مما يُضعف موقع هؤلاء من حيث التنافسية ويهدد بزوال عدد كبير من المزارع العائلية، خاصة في المناطق الأكثر هشاشة.

وطالب الاتحاد بمراجعة عاجلة لاتفاق الشراكة مع المغرب، مؤكدًا أن الأمر لا يقتصر على المنافسة التجارية بل يشمل أبعاداً استراتيجية تتعلق بالأمن الغذائي والسيادة الزراعية لإسبانيا وأوروبا.

تنافسية المنتج المغربي: الجودة والسعر في المقدمة

رغم الانتقادات الإسبانية، يرى العديد من الخبراء أن تفوق المنتجات المغربية في السوق الأوروبية يعود أساساً إلى تنافسيتها العالية من حيث الجودة والسعر، مدعومة بمناخ زراعي مناسب، وتكاليف إنتاج منخفضة نسبياً، واستثمارات كبيرة في تقنيات الري والتخزين والنقل.

هل تتحول الطماطم المغربية إلى "قضية سياسية"؟

مع استمرار هذا الاتجاه، من المرجح أن تتحول قضية المنتجات الزراعية المغربية إلى ملف ساخن على طاولة المفاوضات بين المغرب والاتحاد الأوروبي، خاصة مع تصاعد الضغط من طرف المزارعين الإسبان والفرنسيين. وبينما يسعى المغرب إلى تعزيز موقعه كمزود استراتيجي للأسواق الأوروبية، تبرز أصوات تطالب بوضع قواعد عادلة للتنافس، تضمن توازناً بين حرية التجارة وحماية الإنتاج المحلي.

فهل ستظل الطماطم المغربية رمزاً للنجاح الزراعي؟ أم تتحول إلى عنصر توتر دبلوماسي وتجاري في العلاقات المغربية-الأوروبية؟ الأيام القادمة ستكشف عن ملامح هذه المواجهة "الخضراء".

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك