أنتلجنسيا المغرب:ع.الباز
إذا كنت مغربياً، فأنت اليوم أمام امتحان يومي من نوع خاص: كيف تملأ قفتك دون أن تصاب بجلطة قلبية؟ الطماطم أصبحت بسعر المجوهرات، البطاطس تحتاج إلى "تحليل مالي" قبل شرائها، والدجاج صار يُباع وكأنه من سلالة نادرة، بينما المواطن العادي يحاول أن يفهم: هل نحن في سوق للخضر أم في بورصة وول ستريت.
كان يا ما كان، في زمن غير بعيد، يخرج المغربي إلى السوق بعشرة دراهم ويعود وفي يده كيس مليء بالخضر، وربما ببعض الفواكه ليشعر نفسه أنه من "الطبقة المخملية". أما اليوم، فأنت بحاجة إلى تخطيط استراتيجي، استشارة مالية، وربما قرض بنكي إذا كنت تفكر في وجبة متكاملة.
أصبح المغاربة خبراء في فن "الانتقاء الذكي": يدخل المواطن إلى السوق، يقترب من الطماطم، يتأمل السعر، يبتسم بمرارة، ثم يسأل البائع عن نصف كيلو وكأنه يشتري زعفرانًا.
البطاطس؟ "يا لطيف"، الدجاج؟ "نلقط الريش وندير به حسوة"، أما السمك، فصار حلمًا يُؤجل إلى حين تحقيق "تنمية مستدامة" في الرصيد .
يبدو أن الحكومة قررت اتباع استراتيجية "المتفرج الحكيم": تشاهد المشهد من بعيد، وربما تُرسل بعض التصريحات المطمئنة مثل "الأمور تحت السيطرة"، أو "الحكومة تراقب الأسواق"، لكن الواقع شيء آخر.
المواطن لا يرى سوى الشناقة في الأسواق، يتحكمون في الأسعار كما يتحكم "المايسترو" في أوركسترا موسيقية.
التفسير الحكومي للأزمة أصبح محفوظًا عن ظهر قلب: "الجفاف"، "الحرب في أوكرانيا"، "التضخم العالمي"، "الأسعار ترتفع في كل مكان"، لكن المغربي الذكي يتساءل:
لماذا الحرب في أوكرانيا لم تؤثر على سعر الطماطم في الدول المجاورة؟
لماذا عندما تنخفض الأسعار في الخارج لا نجد أثرًا لذلك في أسواقنا؟
لماذا الأسعار ترتفع بنفس السلاسة التي تغيب بها الرقابة؟
وسط كل هذا، يظهر "أبطال الأزمة"، الشناقة، الذين اكتشفوا أن الاحتكار والمضاربة مربحان أكثر من أي تجارة أخرى.
هؤلاء لا يحتاجون إلى شهادات جامعية في الاقتصاد، فهم يديرون السوق بمنطق "العرض والطلب الخاص بهم".
في الصباح، يقررون أن البطاطس ستصبح "سلعة نادرة"، في المساء يُضاعفون سعرها، وفي اليوم التالي يُبررون ذلك بعبارة خالدة: "السلعة ناقصة".
لكن الحقيقة أن "السلعة ناقصة فقط للمواطن"، أما بالنسبة للشناقة، فهي مخزنة جيدًا، تنتظر اللحظة المناسبة لتُباع بأعلى سعر.
أمام هذا الواقع، قديلجأ المواطن المغربي إلى حلول بديلة للبقاء على قيد الحياة:
زراعة الطماطم في البلكونة: قريب سيبدأ بعض المغاربة في تحويل شرفات منازلهم إلى مزارع مصغرة، فالمسألة لم تعد مجرد هواية، بل خيار استراتيجي لمواجهة الغلاء.
تقليل عدد الوجبات: شعار المرحلة أصبح "وجبة واحدة في اليوم تكفي"، وبما أن الغذاء غالي، فقد اكتشف البعض أن شرب الماء بكثرة يمكن أن يُشعرهم بالشبع، وربما تصبح هذه "حمية إجبارية" للرشاقة القسرية!
التفاوض مع البائع كأنه صفقة دولية: المواطن المغربي أصبح يجادل البائع وكأنه يتفاوض على صفقة القرن، محاولًا خفض السعر ولو بدرهم، لأن هذا الدرهم قد يكون حاسمًا في ميزانية الشهر.
إذا استمر الحال على ما هو عليه، فقد نجد أنفسنا أمام وضعيات ساخرة أكثر:
عروض ترويجية على نصف كيلو طماطم في البنوك!
جمعيات خيرية تقدم "أكياس بطاطس" بدل القفف الرمضانية!
زواج "النصف طماطم"، حيث يُقدم العريس للعروس نصف كيلو هدية الخطوبة!
كل هذا يحدث، بينما المواطن ينتظر حلاً حقيقيًا، والحكومة لا تزال تراقب "عن كثب"، والشناقة يبتسمون في هدوء، لأنهم وحدهم يعرفون أن هذا السوق "بدون سقف"، والأسعار لا حدود لها.
فإلى متى سيبقى المغربي في هذه الدوامة؟ هل سنرى يومًا تُفتح فيه الأسواق كما تفتح الحكومة تصريحاتها؟ أم أن الطماطم ستصبح يومًا ما رمزًا جديدًا للرفاهية؟
بالطبع، يا له من مشهد "ملحمي" يعكس صورة قاتمة للمستقبل الاقتصادي المغربي. أصبحنا نعيش في زمن الطماطم الذهبية والدجاج المُسجل في سجلات الحفظ العتيقة! لدرجة أن المواطن صار يتسوق وكأنه ينفذ عملية اقتصادية معقدة في بورصة وول ستريت، بدلاً من مجرد ملء قفته. كان يكفيك عشر دراهم لتصبح من أصحاب "الرفاهية"، أما الآن، فأنت بحاجة إلى تأمين قرض عقاري فقط لشراء "وجبة عادية" من السوق! لننسى الطماطم، فالحكومة التي "تراقب عن كثب" الأسواق مثلما يراقب الراعي قطيعه، لدرجة أن أحدهم قد يعتقد أنهم ينتظرون حلاً سحرياً يظهر على شاشة التلفاز. أما الشناقة، فهم الأبطال الحقيقيون في هذه القصة، الذين يتاجرون بعقلية "العرض والطلب الخاص بهم" وكأنهم قد تعلموا فنون الاقتصاد في معهد كليوفسكي، بينما المواطن العادي يضطر للتفاوض على نصف كيلو طماطم كما لو كان يسعى للحصول على عقد عمل في إحدى الشركات العالمية. إذا استمرت الأسعار في الارتفاع، قد نجد "نصف طماطم" تقدم كهدية خطوبة في المستقبل، وربما سيبدأ المغاربة في استخدام "أكياس البطاطس" كبدائل للقفف الرمضانية، لعلها تكون أكثر قيمة ومغزى من تلك التي تحملها الجمعيات الخيرية. في النهاية، نعيش في زمن أضحك من كثر ما يبعث على البكاء، في وقت يعتقد فيه المواطن أن تحضير وجبة عشاء أصبح أكثر تعقيدًا من إعداد خطة اقتصادية لبلادٍ بأكملها. متى سنتحرر من هذا الواقع، الله وحده أعلم!
بالطبع، يا له من مشهد "ملحمي" يعكس صورة قاتمة للمستقبل الاقتصادي المغربي. أصبحنا نعيش في زمن الطماطم الذهبية والدجاج المُسجل في سجلات الحفظ العتيقة! لدرجة أن المواطن صار يتسوق وكأنه ينفذ عملية اقتصادية معقدة في بورصة وول ستريت، بدلاً من مجرد ملء قفته. كان يكفيك عشر دراهم لتصبح من أصحاب "الرفاهية"، أما الآن، فأنت بحاجة إلى تأمين قرض عقاري فقط لشراء "وجبة عادية" من السوق! لننسى الطماطم، فالحكومة التي "تراقب عن كثب" الأسواق مثلما يراقب الراعي قطيعه، لدرجة أن أحدهم قد يعتقد أنهم ينتظرون حلاً سحرياً يظهر على شاشة التلفاز. أما الشناقة، فهم الأبطال الحقيقيون في هذه القصة، الذين يتاجرون بعقلية "العرض والطلب الخاص بهم" وكأنهم قد تعلموا فنون الاقتصاد في معهد كليوفسكي، بينما المواطن العادي يضطر للتفاوض على نصف كيلو طماطم كما لو كان يسعى للحصول على عقد عمل في إحدى الشركات العالمية. إذا استمرت الأسعار في الارتفاع، قد نجد "نصف طماطم" تقدم كهدية خطوبة في المستقبل، وربما سيبدأ المغاربة في استخدام "أكياس البطاطس" كبدائل للقفف الرمضانية، لعلها تكون أكثر قيمة ومغزى من تلك التي تحملها الجمعيات الخيرية. في النهاية، نعيش في زمن أضحك من كثر ما يبعث على البكاء، في وقت يعتقد فيه المواطن أن تحضير وجبة عشاء أصبح أكثر تعقيدًا من إعداد خطة اقتصادية لبلادٍ بأكملها. متى سنتحرر من هذا الواقع، الله وحده أعلم!