التنين الصيني يحرق كبرياء أمريكا: واشنطن في فخّ العملاق الذي لا يرحم

التنين الصيني يحرق كبرياء أمريكا: واشنطن في فخّ العملاق الذي لا يرحم
اقتصاد / الأربعاء 28 مايو 2025 - 11:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:حمان ميقاتي

بينما تتهاوى نظريات الهيمنة الغربية وتتهافت وعود الرفاه الأمريكية، يزحف التنين الصيني بثبات نحو عرش الاقتصاد العالمي، غير عابئ بتحذيرات واشنطن أو خطابات التهديد القادمة من البيت الأبيض.

بكين لم تعد تقبل بدور التلميذ، بل انقلبت إلى الأستاذ في لعبة التجارة، الصناعة، والهيمنة المالية، فارضة نفسها كقوة لا تُزاح، بل تُحترم وتُحسب لها ألف حساب.

 وبينما يحاول صانع القرار الأمريكي تدارك ارتباكه، تتوالى الأرقام الصينية الصادمة: نمو مستقر، استثمارات عالمية، وشبكة نفوذ اقتصادي تمتد من إفريقيا إلى أوروبا وأمريكا اللاتينية.

المواجهة لم تعد تجارية فقط، بل أصبحت صراعًا إستراتيجيا شاملاً. العقوبات التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب على الشركات الصينية، وعلى رأسها "هواوي"، ارتدت على الاقتصاد الأمريكي نفسه، وكشفت هشاشة الاعتماد الأمريكي على سلاسل التوريد القادمة من آسيا. واشنطن، رغم ضجيجها، لم تستطع كسر العمود الفقري للاقتصاد الصيني، بل وجدت نفسها مضطرة لمواجهة ركود داخلي وتضخم أضعف القدرة الشرائية للمواطن الأمريكي، في الوقت الذي تمضي فيه الصين إلى الأمام بخطة تنموية لا تعرف التراجع.

ترامب، الذي بنى خطابه السياسي على "جعل أمريكا عظيمة من جديد"، وجد نفسه في ورطة لم تكن في الحسبان، بعدما تحوّلت وعوده الاقتصادية إلى عبء ثقيل، واتهاماته للصين إلى نغمة مستهلكة لم تعد تقنع حتى مناصريه.

فقد حاول استخدام الحرب التجارية كسلاح لردع الصين، لكن بكين ردت بحزم عبر فرض رسوم جمركية مضادة، وفتح أسواق جديدة لتعويض أي خسارة، مما وضع الإدارة الأمريكية في موقف دفاعي خانق.

التنين الصيني لا يرحم، لأنه ببساطة لا يشتغل بردات الفعل، بل ببناء استراتيجي عميق يضع رؤية 2049 نصب عينيه، وهي السنة التي تستهدف فيها بكين أن تصبح القوة العالمية الأولى دون منازع. ومع مبادرة "الحزام والطريق"، تُحكم الصين قبضتها على مفاصل الاقتصاد العالمي من الموانئ الإفريقية إلى السكك الحديدية في أوروبا الشرقية، وهو ما يربك أمريكا التي بدأت تفقد القدرة على تطويق النفوذ الصيني أو حتى التنبؤ بتحركاته المقبلة.

العالم يتغير بسرعة، وواشنطن تجد نفسها اليوم أمام خصم لا يلعب بنفس قواعد الحرب الباردة، بل يفرض معادلة جديدة: من لا يُجيد لغة الاقتصاد الذكي، سيُسحق. وبينما تصطف دول كثيرة للاستفادة من الشراكة مع التنين الذي لا يرحم، تُترك أمريكا لمواجهة أزماتها الداخلية وحدها، عاجزة عن لملمة شتات اقتصاد يتهاوى تحت ثقل الحسابات الخاطئة… وعجز استراتيجي بدأ ينخر جسد الإمبراطورية العظمى.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك