بين الخطر العالمي والاستثناء المغربي..كيف نجا المغرب من لائحة الجوع في تقرير أزمة الغذاء 2025؟

بين الخطر العالمي والاستثناء المغربي..كيف نجا المغرب من لائحة الجوع في تقرير أزمة الغذاء 2025؟
اقتصاد / الأحد 18 مايو 2025 - 22:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب

في وقت يتوسع فيه شبح الجوع في العالم، ويشتد الخناق على الأمن الغذائي في أكثر من 65 دولة، برز المغرب في تقرير سنة 2025 الصادر عن الشبكة العالمية لمكافحة أزمات الغذاء كاستثناء لافت.

فبينما تواجه دول بأكملها مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي، خرج المغرب من لائحة الدول المهددة بشكل مباشر، مما يطرح تساؤلات مشروعة: هل تجاوز المغرب فعلاً خطر المجاعة؟ وما العوامل التي أبعدته عن هذه القائمة السوداء؟ وهل الصمود الحالي مستدام أم ظرفي؟

تقرير ينذر بالخطر ويكشف استثناءات

أشار تقرير "أزمة الغذاء العالمية لعام 2025"، الصادر بداية شهر ماي، إلى أن أكثر من 281 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد عبر 59 دولة. وقد توسعت دائرة الخطر بفعل عوامل متعددة، أبرزها النزاعات المسلحة، التغيرات المناخية، ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، وتراجع المساعدات الإنسانية الدولية.

ورغم هذا السياق المأزوم، غاب اسم المغرب عن اللائحة التي شملت دولًا من إفريقيا، وآسيا، وأمريكا اللاتينية، ما يُعتبر مؤشراً إيجابيًا على صمود نسبي في وجه أزمة عالمية متفاقمة.

العوامل التي ساهمت في صمود المغرب

خروج المغرب من هذه القائمة لا يعني غياب التحديات، لكنه يعكس توازنًا دقيقًا تم تحقيقه عبر مجموعة من العوامل، أبرزها:

السياسة الفلاحية الاستباقية: من خلال مواصلة تنفيذ مخطط "الجيل الأخضر"، واستثمار الموارد في دعم الفلاحة الصغيرة والمتوسطة، رغم تداعيات الجفاف.

تدخلات حكومية لخفض أسعار بعض المواد: خصوصًا خلال المناسبات الاستهلاكية الكبرى، مثل رمضان، لتجنب انهيار القدرة الشرائية للفئات الهشة.

المخزون الاستراتيجي من القمح: رغم الاعتماد الكبير على الاستيراد، خصوصًا من السوق الدولي، عملت الحكومة على تأمين واردات حيوية في وقت مبكر.

غياب النزاعات المسلحة أو الاضطرابات واسعة النطاق، وهو عامل رئيسي أشار إليه التقرير باعتباره سببًا مباشرًا في ارتفاع معدلات الجوع في دول مثل السودان، ميانمار، اليمن، وسوريا.

هشاشة تحت السطح.. هل المغرب فعلاً في منأى؟

ورغم هذا التصنيف الإيجابي، تحذر منظمات محلية وخبراء اقتصاديون من أن الوضع قد ينقلب في أي لحظة إذا استمرت مؤشرات الخطر التالية:

توالي سنوات الجفاف وتأثيرها على الإنتاج المحلي.

تقلّبات أسعار السوق الدولية وتأثيرها على تكلفة الاستيراد.

تآكل القدرة الشرائية لدى الطبقات الفقيرة والمتوسطة.

غياب العدالة المجالية في توزيع المواد الأساسية والدعم.

بمعنى آخر، فالمغرب لم يبلغ مرحلة الأمن الغذائي المستدام، بل فقط تفادى الدخول في النفق الحاد الذي وصلت إليه دول أخرى.

بين الترقب والإصلاح: ماذا بعد؟

تطرح هذه المعطيات تحديات حقيقية أمام صناع القرار في المغرب. فالمطلوب اليوم ليس فقط تثبيت هذا "الاستثناء الإيجابي"، بل تحويله إلى نموذج دائم يحصن المملكة من صدمات الغذاء العالمية، من خلال:

تطوير الفلاحة المستدامة المعتمدة على الموارد المحلية بدل التبعية الخارجية.

دعم الاكتفاء الذاتي في الحبوب والخضر، بدل التركيز على الزراعات التصديرية فقط.

اعتماد سياسة دعم ذكية تستهدف الفئات الأكثر هشاشة في أوقات الأزمات.

ففي عالم تتسارع فيه أزمات الغذاء وتشتد فيه الكوارث المناخية والنزاعات، لا يكفي أن يكون المغرب خارج قائمة الجوع، بل عليه أن يستثمر هذا الموقع ليبني أمنًا غذائيًا حقيقيًا، يقاوم التهديدات المستقبلية، ويضمن كرامة عيش جميع مواطنيه، دون استثناء.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك