أنتلجنسيا المغرب: فهد الباهي/م.إيطاليا
في زحمة التصفيق للإنجازات الصناعية،
يغيب عن الأضواء أولئك الذين يشيدون صروح المجد بأجور لا تكفي حتى لسد رمق يومهم،
فالنجاح الباهر للمغرب في صناعة السيارات ليس سوى وجه لعملة يعلوها بريق
الاستثمار، بينما يطمر الوجه الآخر معاناة آلاف العمال الذين يدفعون ثمن التقدم من
حياتهم اليومية.
تقرير دولي حديث أصدرته شركة
"أوليفر وايمان" أزاح الستار عن حقيقة صادمة: المغرب يتصدر العالم كأرخص
بلد في كلفة إنتاج السيارات، إذ لا تتعدى تكلفة اليد العاملة لإنتاج مركبة واحدة
106 دولارات، رقم قد يُسعد المستثمرين، لكنه يجرح كرامة الطبقة الشغيلة التي تتحمل
عبء هذه "المعجزة الاقتصادية" .
الرقم المغربي سحق منافسين تقليديين
في قطاع السيارات مثل رومانيا والمكسيك وتركيا، وحتى الصين نفسها التي لطالما
وُصفت بمصنع العالم، هذا التفوق، وإن كان مثار فخر لدى البعض، إلا أنه يكشف خللا
عميقا في منظومة الأجور والحماية الاجتماعية، حيث يُستثمر في الوطن ولا يُستثمر في
المواطن.
ما يُقدَّم على أنه نجاح اقتصادي، لا
ينعكس بأي صورة على واقع العمال الذين يرزحون تحت نار الغلاء وأعباء الحياة
اليومية، فالأسعار تحلّق، والرواتب تتآكل، ولا مؤشرات حقيقية على نية الدولة أو
القطاع الصناعي في إعادة الاعتبار لأولئك الذين يصنعون الفرق بصمتهم وتضحياتهم.
من حق المغرب أن يفتخر بتقدمه
الصناعي، لكن من حق العمال أن يعيشوا بكرامة، أما أن يبقى العامل مجرّد ترس رخيص
في ماكينة الربح، فتلك وصفة مؤكدة لانفجار اجتماعي، لن تُطفئه أرقام تقارير أجنبية
ولا صور مصانع براقة. هل تريد أن أتابع في نفس الاتجاه؟ .
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك