قنبلة ديمغرافية صامتة والمغرب يشيخ أسرع من قدرته على الاحتمال

قنبلة ديمغرافية صامتة والمغرب يشيخ أسرع من قدرته على الاحتمال
تقارير / الثلاثاء 30 دجنبر 2025 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا:أبو جاسر

يدخل المغرب مرحلة دقيقة من تاريخه السكاني، بعدما أظهرت معطيات رسمية حديثة أن فئة الأشخاص البالغين 60 سنة فما فوق تجاوزت عتبة خمسة ملايين فرد خلال سنة 2024، لتشكل ما يقارب 14 في المائة من مجموع السكان.

هذا التحول لم يعد مجرد مؤشر إحصائي، بل أصبح معطى بنيوياً، يعيد رسم الخريطة الديمغرافية للبلاد بوتيرة غير مسبوقة.

أرقام تتسارع وسكان يتباطؤون
حسب أحدث معطيات المندوبية السامية للتخطيط، فإن عدد المسنين قفز بحوالي 59 في المائة خلال عشر سنوات فقط، في وقت لم يتجاوز فيه معدل النمو السكاني العام 0,8 في المائة سنوياً.

هذا الاختلال الواضح يؤكد أن المغرب يتجه بسرعة نحو مجتمع مسن، دون أن يواكب ذلك تحول موازٍ في السياسات الاجتماعية والاقتصادية.

2050:ربع المغاربة فوق الستين
الإسقاطات الرسمية ترسم سيناريو أكثر حدة، إذ يُرتقب أن يناهز عدد المسنين 10 ملايين شخص بحلول سنة 2050، أي ما يقارب ربع السكان.

هذا المنعطف، يعكس انقلاباً عميقاً في الهرم العمري، حيث ارتفع مؤشر الشيخوخة إلى حوالي 52 مسناً مقابل كل 100 طفل دون 15 سنة، بعدما كان لا يتجاوز 26 قبل عقدين.

ضغط متزايد على الفئة النشيطة
تواكب هذه التحولات قفزة في معدل الإعالة المرتبط بالمسنين، الذي بلغ نحو 23 في المائة، ما يعني أن الفئة النشيطة اقتصادياً باتت مطالبة بتحمل أعباء متزايدة، في سياق اقتصادي واجتماعي يعاني أصلاً من هشاشة بنيوية.

فوارق مجالية صارخة
الشيخوخة لا تتوزع بشكل متوازن عبر التراب الوطني، إذ تسجل نسب تفوق المعدل الوطني في جهات مثل الشرق وبني ملال–خنيفرة، مقابل مستويات أقل بكثير في الأقاليم الجنوبية.

كما تبدو الظاهرة أكثر حدة في الوسط الحضري مقارنة بالعالم القروي، بفعل الهجرة الداخلية وتحسن ظروف العيش في المدن.

تأنث الشيخوخة وهشاشة مضاعفة
يبرز البعد الاجتماعي للظاهرة، من خلال هيمنة النساء على فئة المسنين بنسبة تفوق 51 في المائة، فيما يعرف بـ“تأنث الشيخوخة”.

غير أن هذا الامتداد في العمر يرتبط بمؤشرات مقلقة، أبرزها ارتفاع الأمية في صفوف النساء وضعف الاستفادة من أنظمة التقاعد، التي لا تشمل سوى أقلية محدودة.

اقتصادياً:اعتماد أكثر من إنتاج
لا تتجاوز نسبة مشاركة المسنين في سوق الشغل 16 في المائة، بينما يعتمد جزء واسع منهم على الدعم العائلي، في ظل هشاشة المسارات المهنية السابقة واتساع رقعة العمل غير المهيكل، ما يضعف فرص الاستقلال الاقتصادي في سن متقدمة.

الصحة في اختبار حقيقي
تشير المعطيات الصحية إلى أن حوالي 19 في المائة من المسنين يعيشون وضعية إعاقة، تتفاقم حدتها مع التقدم في السن.

في حين، تبلغ نسبة التغطية الصحية نحو 69 في المائة فقط، مع استمرار فجوات واضحة بين المدن والقرى وبين الجنسين.

إنذار سياسات عمومية
تخلص خلاصات التقرير، إلى أن المغرب يقف أمام اختبار حاسم لأنظمة الحماية الاجتماعية والصحية والتقاعدية، في ظل تسارع الشيخوخة الديمغرافية.

ويؤكد معدّو التقرير، على أن تأجيل الإصلاح لم يعد خياراً، داعين إلى اعتماد سياسات عمومية مندمجة وعاجلة، قادرة على امتصاص الصدمة الديمغرافية وضمان حد أدنى من التوازن الاجتماعي، والاقتصادي في المستقبل القريب والبعيد.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك