العدالة تحت الحصار ودولة تُحاكم الاحتجاج وتُهمّش الحقوق

العدالة تحت الحصار ودولة تُحاكم الاحتجاج وتُهمّش الحقوق
ديكريبتاج / الأربعاء 17 دجنبر 2025 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين

عادت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لتقرع جرس الإنذار، بشأن ما وصفته بانزلاق خطير في مسار العدالة، على خلفية ما يتعرض له معتقلو ومعتقلات ما يُعرف بـ“جيل زيد” في عدد من المدن.

فحسب بلاغ جديد للجمعية، فإن هذه المحاكمات لم تَسِر في إطار ضمانات المحاكمة العادلة، بل اتسمت بخروقات مسطرية وانتهاكات حقوقية تمس جوهر العدالة واستقلال القضاء.

محامون تحت الضغط بدل حماية الدفاع

ولم تقف التجاوزات، وفق الجمعية الحقوقية المستقلة، عند حدود قاعات المحاكم، بل امتدت لتطال هيئة الدفاع نفسها.

فقد وثّق محامو الجمعية، حسب البلاغ، ممارسات تضييقية غير مسبوقة، شملت رفضًا ممنهجًا لدفوعات وملتمسات الدفاع، وتهديدات مباشرة بالمتابعة القضائية، بل وتحرير محاضر في حق محامين أثناء قيامهم بواجبهم المهني، في مشهد يطرح تساؤلات عميقة حول احترام حق الدفاع وحصانته.

مزاعم تعذيب وملفات موت غامضة

طالبت الجمعية، بفتح تحقيقات مستقلة وجدية في تصريحات معتقلين، تحدثوا عن تعرضهم للتعذيب والمعاملة القاسية، معتبرة الصمت الرسمي إزاء هذه الادعاءات ضربًا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.

كما دعت، إلى الإسراع بكشف الحقيقة كاملة في ملف مقتل ثلاثة شبان بمنطقة القليعة برصاص الدرك الملكي، مع إدانتها للاعتقالات التي طالت أقارب الضحايا عقب وقفة احتجاجية سلمية أمام البرلمان للمطالبة بالحقيقة.

الاعتقال السياسي والجرح المفتوح

في سياق متصل، جدّدت الجمعية مطلبها بالإفراج الفوري عن كافة معتقلي الرأي والاحتجاجات بالمغرب، داعية إلى تحسين ظروف اعتقالهم، خاصة معتقلي “جيل زيد”، الذين تؤكد عائلاتهم أنهم يعيشون أوضاعًا قاسية ولا إنسانية داخل السجون، بما يتعارض مع القوانين الوطنية والمواثيق الدولية.

زلزال الأطلس والعقاب بدل الإنصاف

انتقدت الجمعية بشدة الأحكام الصادرة عن المحكمة الابتدائية بتارودانت في حق خمسة متضررين من زلزال الأطلس الكبير، معتبرة متابعتهم القضائية سابقة خطيرة.

فبدل إنصافهم بعد حرمانهم من الدعم والتعويض، وجدوا أنفسهم أمام القضاء بسبب شكاية تقدم بها قائد محلي وأعوان سلطة، على خلفية إزالة خيمتين، في صورة تعكس، بحسب الجمعية، قلبًا فاضحًا لأولويات الدولة.

غلاء خانق واحتجاجات بلا صدى

سجلت الجمعية التدهور المتسارع للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، في ظل موجة غلاء غير مسبوقة أنهكت القدرة الشرائية للمواطنين.

كما نبهت إلى تعامل الدولة باللامبالاة مع احتجاجات اجتماعية متفرقة، ومع أوضاع عمال وعاملات يعيشون الهشاشة في قطاعات ومدن متعددة، دون حماية أو استجابة فعلية.

الصحة في غرفة الإنعاش

لم يسلم القطاع الصحي من النقد الحقوقي، إذ حذرت الجمعية من الانحدار الخطير للخدمات الصحية في عدد من المدن، ومن اختلالات عميقة يعرفها قطاع الأدوية، داعية إلى محاسبة المسؤولين وضمان توفير الدواء بشكل عادل ومنتظم، باعتبار الحق في الصحة حقًا أساسيا لا يقبل المساومة.

مشردون في مواجهة البرد والإقصاء

مع حلول فصل الشتاء، عبّرت الجمعية عن قلقها الشديد إزاء معاناة الأشخاص بدون مأوى، خاصة الأطفال واليافعين والمسنين، في ظل غياب شروط العيش الكريم وضعف آليات الحماية الاجتماعية.

وسجلت، بقلق بالغ، رفض بعض المستشفيات استقبالهم بسبب غياب الوثائق أو التغطية الصحية، ما يشكل انتهاكًا صارخًا لحق العلاج، ويحوّل الهشاشة إلى خطر يهدد الحياة.

وفي محصلة موقفها، ترسم الجمعية المغربية لحقوق الإنسان صورة قاتمة لوضع الحقوق والحريات، حيث تُقابل المطالب الاجتماعية بالقمع، ويُعاقَب الضحايا بدل إنصافهم، وتُفرَّغ العدالة من مضمونها.

الصورة تطرح سؤالًا سياسيًا مركزيًا، إلى أين تمضي الدولة بحقوق مواطنيها؟ حين يصبح الاحتجاج جريمة والعدالة أداة والكرامة استثناء؟

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك