ملف الزفزافي بين صمت القصر واستمرار الاعتقال..من المستفيد من بقاء قادة الحراك خلف القضبان؟

ملف الزفزافي بين صمت القصر واستمرار الاعتقال..من المستفيد من بقاء قادة الحراك خلف القضبان؟
ديكريبتاج / الخميس 13 نونبر 2025 / لا توجد تعليقات: تهنئة بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء المظفرة

أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين

بعد مرور سنوات على اعتقال ناصر الزفزافي ورفاقه على خلفية "حراك الريف"، ما زال الملف يشكّل جرحاً مفتوحاً في الجسد السياسي المغربي.

لم يطوِه الزمن، ولم تنجح محاولات التهدئة ولا لغة المصالحة في طمس رمزيته، خصوصاً أن الزفزافي أصبح رمزاً لتوق المغاربة إلى الكرامة والمحاسبة والعدالة الاجتماعية.

وفي المقابل، تعلن الجزائر عن إطلاق سراح المناضل والكاتب بوعلام صنصال، في خطوة ذات رمزية سياسية واضحة، تؤكد أن النظام الجزائري يحاول إرسال إشارات تهدئة داخلية وخارجية، بينما في المغرب، الصمت سيد الموقف.

من المستفيد من استمرار اعتقال الزفزافي؟

الجواب لا يتعلق فقط بجهاز أمني أو حكومة، بل بـ بنية السلطة نفسها التي تتغذى على توازن الخوف والولاء.

استمرار اعتقال الزفزافي يخدم، قبل كل شيء، اللوبي الاقتصادي-الأمني داخل "المخزن" الذي يخشى أن يتحول رموز الحراك إلى فاعلين سياسيين شعبيين ذوي مصداقية.

فبقاء الزفزافي في السجن يعني بقاء الذاكرة الجماعية في حالة تجميد، ويمنح للنظام هامشاً لمواصلة التحكم دون تهديد من صوت صادق يذكّر بصرخات الريف وشعارات "الحرية والكرامة".

الملك وحياد القصر المربك

منذ اندلاع الأزمة، اختار القصر حياداً يصفه كثيرون بـ"المربك"، فالملك لم يتدخل بشكل مباشر لحسم الملف، رغم صلاحياته الدستورية الواسعة التي تتيح له العفو متى شاء.

هذا الغياب لموقف صريح جعل كثيرين يتساءلون:هل القصر فعلاً محايد، أم أن هذا الحياد مجرد غطاء لتفويض القرار الأمني للجهات التي أرادت ضرب الحراك في مهده؟

إن هذا الغموض غذّى الشعور بأن المؤسسة الملكية إما غير معنية فعلياً بفتح صفحة جديدة مع الريف، أو أنها تفضّل الإبقاء على الملف ورقة ضغط تُستخدم في اللحظات السياسية الحرجة.

بين المغرب والجزائر..مفارقة الرسائل السياسية

الجزائر، رغم أزمتها السياسية، أفرجت في الساعات القليلة الماضية، عن أحد أبرز المثقفين المنشقين، بوعلام صنصال، في خطوة قد تُقرأ كرسالة تصالحية مع النخبة الفكرية.

أما المغرب، فيواصل تجاهل أحد أبرز رموزه الشعبية، في وقت يزداد فيه الاحتقان الاجتماعي، وتتعالى فيه أصوات الغضب من تدهور المعيشة والفساد الاقتصادي.

المفارقة أن النظام الجزائري الذي يُتهم بالجمود السياسي، يبدو اليوم أكثر قدرة على التقاط اللحظة الرمزية من نظيره المغربي، الذي لا يزال يدفن رموزه في صمت السجون.

الزفزافي كرمز والخوف من عودة الصوت الحر

لا يخاف النظام من الزفزافي كشخص، بل من الفكرة التي يمثلها:

فكرة أن المغربي البسيط يمكن أن يقف في وجه الظلم ويقول “لا”.

ولهذا، فالإبقاء عليه في السجن هو إبقاء على توازن الخوف، ورسالة لباقي الجهات بأن الدولة لا تتسامح مع من يحاول كسر السردية الرسمية.

 إلى متى يستمر الصمت؟

ملف الزفزافي لم يعد مجرد قضية حقوقية، بل أصبح مرآة تعكس تناقضات النظام المغربي نفسه.

فإما أن تختار الدولة طيّ الصفحة بشجاعة عبر مصالحة حقيقية مع الريف وكل المناطق المهمّشة،

أو تستمر في سياسة الصمت والجمود، لتُعمّق الشرخ بين الحكم والمجتمع.


وفي الوقت الذي تفرج فيه الجزائر عن معارضٍ مثقف، يواصل المغرب حبس رموزه الشعبية، وكأن الخوف من الحرية أصبح سياسة دولة.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك