أنتلجنسيا:ياسر اروين
كشف تقرير رسمي حديث صادر عن الهيئة الوطنية لتقييم منظومة التربية والتكوين أن قطاع التعليم الأولي يقوم على موارد بشرية تشتغل بأجور متدنية لا تليق بأهمية المرحلة ولا بشعارات الإصلاح المرفوعة.
وأبرز التقرير المذكور، أن ربع الأطفال المغاربة يؤطرهم مربيات ومربون لا يتجاوز دخلهم الشهري 2000 درهم، في مقابل أقلية فقط يتجاوز أجرها 3000 درهم، ما يعكس اختلالًا بنيويًا في توزيع التعويضات داخل القطاع.
شباب بلا خبرة ونساء بلا حماية
المعطيات الرسمية أظهرت أن التعليم الأولي يعتمد أساسًا على فئة شابة ونسوية ذات تجربة مهنية محدودة، إذ إن ما يقارب نصف الأطفال يؤطرهم طاقم لا تتجاوز خبرته خمس سنوات، وترتفع النسبة بشكل مقلق في العالم القروي لتصل إلى 70 في المائة، في ظل غياب الاستقرار المهني وضعف شروط التأطير والتكوين.
التأخير في الأجور:واقع مُهين
التقرير سجل كذلك تأخرًا ملحوظًا في صرف الأجور، خاصة في التعليم غير المهيكل، حيث يعاني ما يقارب ربع المربين من عدم الانتظام في الأداء، ما يحول هذه الفئة إلى ضحية مباشرة لهشاشة التدبير وغياب الرقابة، ويضرب في العمق كرامة العاملين وجودة التعلمات.
تعميم بلا عدالة ولا جودة
ورغم التقدم المسجل في تعميم التعليم الأولي، يؤكد التقرير أن هذا الورش ما زال يعاني من فوارق مجالية واجتماعية صارخة، سواء على مستوى الولوج أو جودة التعلمات.
والفوارق تظهر بوضوح بين المجالين الحضري والقروي، وبين الوحدات من حيث المرافق الصحية، شروط السلامة، وتوفر الوسائل التربوية الأساسية.
تعلمات ضعيفة وإقصاء صامت
الهيئة وقفت أيضًا على محدودية الممارسات التربوية التفاعلية داخل الأقسام، خاصة ما يتعلق بتنمية القراءة والمهارات اللغوية المبكرة، إلى جانب هشاشة إدماج الأطفال في وضعية إعاقة، مع تفاوت كبير في قدرات الاستقبال والدعم بين وحدات التعليم الأولي.
حكامة غائبة ومسؤولية الدولة حاضرة بقوة
التقرير خلص إلى أن اختلال شروط العمل والتأطير، خصوصًا في التعليم العمومي وغير المهيكل، يهدد استقرار المربين وجودة الممارسة التربوية، داعيًا إلى الانتقال من منطق التعميم العددي إلى منطق الجودة والإنصاف.
غير أن الرسالة السياسية الأوضح التي يحملها التقرير هي أن الدولة، في تعاملها مع التعليم الأولي، ما تزال تنظر إليه كقطاع هامشي، وتدبره بأدوات الهشاشة، رغم كونه الأساس الحقيقي لأي إصلاح تعليمي جدي.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك