هل يغلق المغرب أبوابه في وجه جاليته بالخارج ويدفعهم إلى وجهات بديلة

هل يغلق المغرب أبوابه في وجه جاليته بالخارج ويدفعهم إلى وجهات بديلة
ديكريبتاج / السبت 26 يوليو 2025 - 21:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب: فهد الباهي/م.إيطاليا

في سابقة مثيرة للقلق، اختار الألاف من أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج مقاطعة زيارة المغرب خلال عطلة هذه السنة 2025، بعدما وجدوا أنفسهم في مواجهة غير مسبوقة مع أسعار خيالية لتذاكر السفر، سواء عبر الرحلات الجوية أو البحرية، تحول الصيف من موسم الحنين إلى الوطن، إلى صدمة اقتصادية غير مفهومة، جعلت الوطن في نظر الكثيرين "وجهة مؤجلة".

المهاجرون الذين كانوا يعتبرون زيارة المغرب واجبًا عائليًا وشعبيًا، باتوا مضطرين هذا العام إلى التوجه نحو وجهات بديلة مثل اليونان، إسبانيا، مصر، والبرتغال...، حيث العروض السياحية أكثر إنصافًا، والخدمات تُقدّم بأثمان معقولة، في وقت يستمر فيه المغرب في تقديم خدمات متواضعة بأسعار فاحشة لا تعكس واقع البنية التحتية السياحية ولا مستوى العيش الداخلي.

مراكش، طنجة، أكادير، وتطوان... تحولت إلى مدن طاردة بدل أن تكون جاذبة.

فقد شهدت هذه الحواضر السياحية المعروفة ارتفاعًا جنونيًا في أسعار كراء الشقق والفيلات، حتى تجاوزت في كثير من الحالات مستويات الأسعار الأوروبية، دون وجود جودة مقابلة أو رقابة تنظيمية. الكراء اليومي لشقة متوسطة صار يتطلب ميزانية أسرية كاملة، أما الفيلات فقد أصبحت محجوزة حصريًا لمن يملكون حسابات بنكية من العيار الثقيل.

الصدمة الأكبر تجلت في غياب أي تدخل حكومي ملموس، سواء من وزارة السياحة أو النقل أو الجالية. رغم التنبيهات المتكررة من أبناء الوطن في الخارج، ظلت الجهات المعنية تمارس صمتًا رسميًا محيرًا، وكأنها لا تعترف بالمشكلة أصلًا. هذا الغياب التام لأي خطة دعم أو تخفيض أو حتى مبادرة رمزية، خلق شعورًا بالإهانة لدى كثير من المهاجرين الذين يشعرون بأنهم مستغلّون وليسوا مرحّبًا بهم.

أكثر ما أثار الغضب أن الوطن، الذي ظل حلم العودة إليه يدغدغ مشاعر الآلاف، صار يتعامل مع جاليته كأنها بنك متنقل، دون أن يضع في الحسبان وضعها المالي المتأزم في بلدان الإقامة، أو التزاماتها الأسرية والاجتماعية، أو حتى واجب الدولة في توفير ظروف عادلة لربط هؤلاء بوطنهم الأم. لم يطلبوا خدمات فاخرة، بل فقط أسعارًا منصفة ورؤية اقتصادية تضعهم في قلب الاعتبار.

من المؤسف أن تتحول الجالية المغربية من قوة اقتصادية ضخمة – تضخ مليارات في الاقتصاد الوطني – إلى "أكباش فداء" لسياسات ارتجالية ترفض أن توازن بين الطمع السياحي والكرامة الوطنية. هذه الجالية التي كانت، ولا تزال، رافعة للاقتصاد الوطني، باتت تعاني من تهميش مقصود وخطاب رسمي يفيض بالشعارات، لكنه يفتقر لأي مضمون عملي.

إن التدخل الفوري والعاجل بات واجبًا وطنيًا وأخلاقيًا. تخفيض أسعار تذاكر الطيران والعبّارات، وضبط كراء الإقامات السياحية، ووضع خطة دعم واضحة للجالية، لم يعد ترفًا سياسيًا، بل هو الحد الأدنى من الاحترام للمغاربة المقيمين في الخارج.

بدون ذلك، سيتحوّل الصيف القادم إلى موسم قطيعة جماعية لن تُمحى بسهولة من ذاكرة الوطن.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك