أنتلجنسيا المغرب:الهدهد المغربي
في تطور قانوني وجيوسياسي من العيار الثقيل، قدم النائب الأميركي الجمهوري جو ويلسون، بدعم من الديمقراطي جيمي بانيتا، مشروع قانون ثنائي الطيف بالكونغرس (H.R.4119) يقترح تصنيف "جبهة البوليساريو" كمنظمة إرهابية، على أن يُسحب هذا التصنيف إذا قبلت البوليساريو ضمن 90 يومًا تنفيذ خيار الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
هذا الشرط غير المسبوق يكشف عن رؤية جديدة في التعامل مع ملف الصحراء، تضع الرباط أمام فرصة تاريخية، وتضع الجزائر وحلفاء البوليساريو أمام إنذار قانوني وجيوسياسي حاد.
نص المقترح وأهدافه القانونية
مشروع القانون الذي أودع في 24 يونيو 2025 أمام لجنة الشؤون الخارجية والعدل في مجلس النواب الأميركي يحمله النائب جو ويلسون، وأرفقه بتقارير استخباراتية ومصادر أمنية، تتهم البوليساريو بـ "التحالف مع إيران وحزب الله وروسيا"، فضلاً عن توريطه في عمليات تهريب السلاح والمخدرات، و"استخدامه كجناح عسكري عدواني يهدد أمن المغرب".
وإذا لم تستجب البوليساريو للشرط خلال 90 يومًا من تاريخ التفعيل، فإن التصنيف كمنظمة إرهابية سيُفرض تلقائيًا، مما يؤدي إلى تجميد أصول المنظمة وحظر كل دعم أو تمويل لها على الأراضي الأميركية، بالإضافة إلى إجراءات تقيد السفر والدعم السياسي.
سياق قانوني ودبلوماسي متسارع
النص يستند إلى القانون الأميركي الخاص بالمنظمات الإرهابية الأجنبية (FTO)، ويتماشى مع مرحلة تصاعدية في الدعم الأميركي للموقف المغربي، منذ اعتراف واشنطن في 2020 بسيادة المغرب على الصحراء، مرورًا بتصريحات سابقة لوزير الخارجية الأميركي حول الحلّ القائم على الحكم الذاتي.
ويكتسب المشروع زخمه من دعمه الثنائي (جمهوري وديمقراطي)، ما يرفع من فرص تحوله إلى قانون ساري المفعول بتصويت الأغلبية في مجلس النواب ومُراجعة مجلس الشيوخ تحت ضغط الإدارة المقبلة.
التبعات الحقوقية والمالية
تجميد ومصادرة: الإجراءات القانونية ستشمل تجميد أموال وموارد البوليساريو في الولايات المتحدة، مع إمكانية ملاحقة داعميها والجزائر التي يعتبرها المشروع الراعي والمؤثر الأكبر.
عقوبات ثانوية: ستطال الأطراف الدولية أو الشركات التي تتعامل مع البوليساريو، مما يخلق ضغطًا على الحكومات والمنظمات الدولية والدوائر القانونية بعدم دعمها ماليًا أو سياسياً.
الخيار البديل: إذا قبلت الجبهة خيار الحكم الذاتي كحل نهائي تحت السيادة المغربية خلال 90 يوماً، يُلغى التصنيف، مما يتيح لها الاستمرار ككيان مدني سياسي، لكنه سيضعها في خانة "شريك مرحب به ضمن العملية السياسية".
تداعيات واقعية على الرباط والجزائر
على المغرب: يوفر النص دعمًا دوليًا مستمرًا لخياره السياسي، ويضع مبدأ الحكم الذاتي كأداة ضغط وليس مجرد خيار تفاوضي، مما يعزز من مصداقية الخيار المغربي في المحافل الدبلوماسية الدولية.
على البوليساريو والجزائر: يصبح الخروج من المأزق رهينًا بالموافقة على الحكم الذاتي، وإلا تتعرض لعزلة وضغوط مالية وأمنية. الجزائر ستجد نفسها مدفوعة لتسريع المفاوضات أو الاختيار بين مواجهة قانونية أو خسارة ورقة الضغط.
حسابات الكونغرس الأميركي
المشروع يعكس موازين في الكونغرس تلتقي فيها مصالح الأمن الأميركي في مواجهة النفوذ الإيراني والروسي مع دعم الاستقرار الإقليمي،
وفق ما توضح تقارير استخباراتية استند إليها النص في تبرير تصنيف البوليساريو. التردد الأميركي باتجاه مساندة الخيارات الحقيقية والحلول العملية بدلاً من الخطابات الرمزية.
أرقام التايملين: 90 يومًا للفصل
يمنح النص "نافذة زمنية" مدتها 90 يومًا بعد صدور القرار للتنفيذ. هذه الفترة قصيرة تكفي لإحداث تحوّلات قانونية أو توسيع التفاوض، لكنها قاسية على الجبهة المدافعة عن الكيان الانفصالي بالخارج.
أزمة جديدة وبداية بديل استراتيجي
مشروع القانون الأميركي جاء كزلزال في منطقة الصحراء، يعيد تسليط الضوء على الخيارات المتاحة: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، أو تصنيف إرهابي ودبلوماسية ضغط.
وهو يثبّت سياسة "الضغوط المتدرجة" كأسلوب أميركي جديد لمعالجة قضايا إقليمية طويلة الأمد. المستقبل السياسي والاقتصادي للجبهة والجزائر سيكون صارمًا مع كل تمدد للمكانة السياسية دون توافق دولي.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك