"نزيف العقول"..هجرة الأدمغة تكلف المغرب 300 مليون درهم سنوياً ومن ينقذ مستقبل الوطن؟

"نزيف العقول"..هجرة الأدمغة تكلف المغرب 300 مليون درهم سنوياً ومن ينقذ مستقبل الوطن؟
ديكريبتاج / الثلاثاء 08 يوليو 2025 - 22:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:أحمد الهيلالي

في وقت تحتاج فيه المملكة إلى كل نقطة ضوء فكرية، وكل مبادرة علمية أو تقنية، تتواصل موجة هجرة الأدمغة المغربية بوتيرة مثيرة للقلق.

أطباء، مهندسون، باحثون، وخريجو الجامعات الكبرى… يغادرون المغرب بحثًا عن فرص أفضل في أوروبا، أمريكا الشمالية، أو حتى الخليج.

لكن، ما حجم الخسائر؟ ومن المسؤول؟ وهل هناك أمل في استعادة العقول المغربية المهاجرة؟

 300 مليون درهم سنوياً..فاتورة النزيف الصامت

وفق تقارير صادرة عن مؤسسات وطنية ودولية، يتكبد المغرب خسائر تُقدَّر بـ 300 مليون درهم سنوياً بسبب هجرة الأدمغة.

هذا الرقم يعكس:

كلفة تكوين الأطباء والمهندسين في الجامعات المغربية.

فقدان الكفاءات التي تموَّل من ميزانية الدولة دون استثمار فعلي في الوطن.

التأثير غير المباشر على الاقتصاد الوطني، خصوصاً في قطاعات استراتيجية مثل الصحة، والتعليم، والتكنولوجيا.

من يهاجر؟ الأطباء والمهندسون في طليعة النازحين

الهجرة لا تهم فقط الباحثين، بل تشمل:

حوالي 700 طبيب مغربي يهاجرون سنوياً إلى فرنسا وكندا وحدهما.

آلاف المهندسين، خصوصاً في مجالات الذكاء الاصطناعي والبرمجة، يجدون في أوروبا فرص عمل أفضل وبيئة بحث أكثر تطوراً.

خريجو كليات العلوم والرياضيات يتجهون إلى جامعات أوروبية لمتابعة الدكتوراه دون نية العودة.

 لماذا يغادرون؟ الأسباب متعددة والمرارة واحدة

حسب شهادات لمهاجرين مغاربة من النخبة، تتوزع أسباب الهجرة بين:

ضعف الأجور، حيث يتقاضى الطبيب في المغرب أقل من ربع ما يحصل عليه نظيره الأوروبي.

انعدام آفاق البحث العلمي، بسبب نقص التمويل والتجهيزات.

الزبونية والمحسوبية في التعيينات والمناصب الجامعية والإدارية.

غياب بيئة احتضان الابتكار وغياب الثقة في المؤسسات.

 دول تحتضن عقولنا وتستثمر فيها…

على الطرف الآخر، تجد الدول المستقبِلة للأدمغة المغربية سُبلًا متعددة للاستفادة منها:

فرنسا وكندا توفران منحًا ومسارات إدماج مهني سريعة.

ألمانيا تعتمد سياسة "الهجرة الانتقائية" لاستقطاب المتميزين فقط.

دول الخليج تمنح امتيازات سكن وراتب مغرٍ للأطباء والمهندسين المغاربة.

النتيجة: تحويل "منتج مغربي" علمي إلى قيمة مضافة لاقتصادات أجنبية.

 ما موقع المغرب في سياسة استعادة الكفاءات؟

رغم إطلاق مبادرات مثل:

برنامج "مغرب الابتكار" و"نداء الكفاءات المغربية بالخارج"، إلا أن الأثر ظل محدوداً بسبب:

غياب تحفيزات حقيقية.

بطء الإدارة.

غياب استراتيجية وطنية واضحة ذات أفق زمني متوسط أو بعيد.

التكلفة لا تُحسب بالدرهم فقط بل بمستقبل الأجيال

هجرة الأدمغة تُحدث خللاً في التنمية الوطنية:

عجز دائم في المستشفيات العمومية.

ضعف البحث العلمي الجامعي.

تراجع التنافسية الصناعية والرقمية.

تشويه لصورة المغرب كبلد "طارد للكفاءات".

ما العمل؟ حلول عاجلة ومقترحات ميدانية

لوقف هذا النزيف، يقترح خبراء ومراقبون:

تحسين شروط العمل والأجور في الوظيفة العمومية.

إنشاء صندوق وطني للبحث العلمي مستقل عن بيروقراطية الوزارات.

استهداف الأدمغة المهاجرة ببرامج إدماج مرنة داخل المغرب.

تعزيز الثقة في العدالة، ومحاربة الزبونية والولاءات.

من لا يستثمر في العقول يستورد الجهل

المغرب اليوم في مفترق طرق:

إما أن يُحوِّل طاقاته البشرية إلى محرك للنهضة الوطنية،أو يستمر في تصدير الأدمغة واستيراد المشاكل.

فهل يُمكن أن نراهن على دولة يُهاجر منها علماؤها ويُهمَّش فيها مبدعوها؟

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك