أنتلجنسيا المغرب: فهد الباهي/م.إيطاليا
لا يمكن
للمغرب أن يستمر في غضّ الطرف عن خطر شجرة "الأفوكا" التي تفشت بشكل
مقلق في عدد من المناطق الفلاحية، حتى تحولت إلى ما يشبه الآفة البيئية التي تلتهم
ما تبقى من الفرشة المائية.
فهذه الزراعة
الموجهة للتصدير تستنزف آلاف الأمتار المكعبة من الماء فقط لإنتاج كيلوغرامات
قليلة، في بلد يعاني من شح مائي غير مسبوق وموجات حر تزداد توحشًا عامًا بعد عام.
ما لا يدركه كثيرون أن زراعة "الأفوكا" تحتاج في
المتوسط إلى ما يفوق ألف لتر من الماء لإنتاج كيلوغرام واحد، وهو رقم صادم يدفعنا
إلى دق ناقوس الخطر قبل أن يتحول الجفاف إلى كارثة وجودية.
فقد صار من
الضروري اليوم العودة إلى الفلاحة البيئية المستدامة التي عرفت بها التربة
المغربية، عوض الخضوع لنزوات التصدير التي لا تراعي لا البيئة ولا حقوق المواطن.
وتعد هذه الشجرة واحدة من أكبر أخطاء ما سمي بـ"المخطط
الأخضر"، الذي تحول من مشروع تنمية زراعية إلى فخ قاتل للموارد المائية، ساهم
في تفاقم الهشاشة البيئية وتدهور التوازن الفلاحي في مناطق بأكملها، فبدل تعزيز
الأمن الغذائي، قدم هذا المخطط وصفة جاهزة لتدمير التربة وتجفيف العروق الأخيرة
للحياة تحت الأرض.
والمقلق أكثر أن موجات الحر بدأت تسجل درجات غير مسبوقة، كما
حدث في مدينة القنيطرة التي وصلت فيها الحرارة إلى مستويات مقلقة جعلتها تحتل
المرتبة الرابعة عشرة عالميًا من حيث درجات الحرارة القصوى، رغم قربها من البحر،
مما يُظهر حجم الخطر الذي نعيشه، والذي لا يمكن الصمت عنه أكثر.
إن التأخر في اتخاذ قرارات
صارمة ضد زراعة "الأفوكا" هو بمثابة مشاركة صامتة في قتل ما تبقى من أمل
في إنقاذ البيئة المغربية. وعلى الجهات المعنية أن تتدخل فورًا لوضع حد لهذا
النزيف، وإعادة التوازن للسياسات الزراعية، قبل أن نجد أنفسنا وسط صحراء عطشى
اسمها المغرب.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك