أنتلجنسيا المغرب:فهد الباهي/م.إيطاليا
في مشهد شبيه بساحة صراع لا بأجواء
عبادة، تتحول شعيرة عيد الأضحى إلى موسم افتراس جماعي "وتا تقول المغول"،
لا علاقة له لا بالتقوى ولا بالتضحية، بل بكل ما هو غرائزي ووحشي "الدم
كبيدتي".
هنيئًا لحكومة "أخنوش" التي
تحتفي بشعب لا يدرك معنى الشعيرة، شعب يجيد فقط تشغيل جهازه الهضمي، والركض خلف
الدم واللحم والجلود، كمن خرج من قفص جوع مزمن لا شفاء منه، هنيئًا لحكومة تصفق
لانتصار "الخبزة" على الوعي، ولانهيار منظومة القيم أمام سعار الأمعاء،
حكومة صنعت شعب "الصريط والمريط".
ليس العيد عندنا مناسبة دينية سامية
تُذكر بالتضحية والإيمان والصبر، بل تحول في ذهن الجائع المهووس إلى مهرجان لحم
ودم وشحوم تعلق على أكتاف الصبايا..تتفجر المكبرات بالأناشيد الدينية، بينما
السكاكين تصهل وعيون المزاليط تبرق، كأنهم في سباق همجي لالتهام ما بقي من مظاهر
الحياة الكريمة التي تركت الحكومة.
نساء يتباهين بأثمنة الأضاحي سرا
بينهم، ورجال يسرقون من أجل صورة خروف يتصدر صالونهم البئيس سرا، وأطفال يُلقنون
منذ الصغر أن العيد ليس عبادة بل حفلة انتقام من الفقر سرا "كولشي تحت
الدف".
المزاليط ليسوا فقط ضحايا منظومة
اقتصادية فاسدة، بل مساخيط بمنتهى الكلمة.
أضحك أبكي لا أعرف...
لا نخوة، لا كرامة، لا تعفف.
ضحايا صناعة فقراء بلا حياء، يسحبون
المجتمع نحو مستنقع الانحطاط الأخلاقي "حوت نخز شواري".
في حين أن هناك فقراء آخرين، لم تُسحق
أرواحهم رغم ضيق ذات اليد، حفظوا كرامتهم وصانوا كبرياءهم، وتحسبهم أغنياء من شدة
التعفف، بين الفقير الشريف والفقير الممسوخ، هاوية من الاختيارات الأخلاقية لا من
الظروف المادية "جوعي في كرشي وعنايتي في راسي".
لنتذكر:
حين قال عمر بن الخطاب "كاد
الفقر أن يكون كفرًا"، لم يكن يقصد الفقر في ذاته، بل ما يصنعه الفقر في
النفوس الضعيفة، حين يُفرغ الإنسان من كل وازع، ويجعله يسجد لسلطان المعدة، وينسى
رب العزة خالق الكون، في مجتمع مزقته الطبقية والفوارق، لم يعد الفقر امتحانًا
للروح، بل تحوّل إلى وباء أخلاقي يفتك بالبشر، يبرر الانحلال، ويمجد الجشع، ويغتال
القيم الإنسانية والمبادئ، وحتى العادات
والتقاليد، ومفهوم "الخيمة والدوار".
من يتابع سلوك شرائح واسعة من
المواطنين خلال عيد الأضحى هذه السمة 2025 1446 ، يدرك أننا أمام مأساة مجتمعية
كبرى، لا أمام طقس ديني جليل، إنها لحظة سقوط أخلاقي جماعي، تتعرى فيها النفوس،
وتكشف فيها العاهات القيمية التي تفرخها السياسات الحكومية المتعاقبة، وتباركها
ثقافة التفاخر البئيس المريض العليل المفضي للهاوية..، صار العيد مناسبة للتمويه
الاجتماعي فقط "بروتوكول رمزي"، لتغطية القبح العام بقليل من
"اللحم"وذخان الشحم.
هذا التهافت الحيواني على الأضحية،
ليس فيه لا تعظيم لله تعالى، ولا فهم لرمزية سيدنا إبراهيم عليه السلام، إنه فقط
مرآة قاسية لوضع مأساوي، حيث يُهدر المال في العيد بينما البطون تبقى خاوية طوال
العام، حيث تُستدان الأسر من أجل مظاهر جوفاء لا فائدة منها مظهر ساعتين..، حيث
يتقن المزاليط فنون العواء بطريقة راقية، لكل العواء يبقى عواء... بينما يغيب عنهم
جوهر الشعيرة الحقيقي.
إنها صورة لبؤس الإنسان حين يغلبه
الجوع ويفقد إنسانيته، لا حين يصبر ويصون كرامته.
المغرب تنجلي كل مظاهر العيد..ماذا
قدمتم.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك