بريطانيا تحسم موقفها وتعتبر الحكم الذاتي المغربي "الخيار الأذكى" لحل نزاع الصحراء وتعد بتحريكه على الصعيد الدولي

بريطانيا تحسم موقفها وتعتبر الحكم الذاتي المغربي "الخيار الأذكى" لحل نزاع الصحراء وتعد بتحريكه على الصعيد الدولي
ديكريبتاج / الأحد 01 يونيو 2025 - 22:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:للا الياقوت

في خطوة دبلوماسية لافتة وذات رمزية قوية، أعلنت المملكة المتحدة موقفاً واضحاً وصريحاً بخصوص النزاع حول الصحراء المغربية، معتبرة أن مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب يشكل "الأساس الأكثر مصداقية وقابلية للتطبيق وبراغماتية" لتسوية هذا النزاع الإقليمي المزمن.

هذا الموقف الذي يأتي في لحظة دقيقة من تطورات الملف، يُنتظر أن يعيد رسم توازنات جديدة على الصعيدين الإقليمي والدولي.

اعتراف استراتيجي من قوة عالمية

بيان الخارجية البريطانية، الذي وصف مخطط الحكم الذاتي المغربي بـ"الواقعي والجاد"، يُعد من أبرز التحولات في الموقف الأوروبي خلال السنوات الأخيرة، بعدما ظلت المملكة المتحدة طيلة عقود تتبنى موقفاً حذراً، يتسم بالغموض والتوازن الدبلوماسي التقليدي. لكن يبدو أن لندن قررت كسر هذا الحياد لصالح رؤية مغربية تحظى بتأييد متزايد، سواء من قبل قوى عظمى كفرنسا والولايات المتحدة أو عدد متنامٍ من دول إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.

دعم عملي وليس فقط لفظي

المثير في الموقف البريطاني ليس فقط لغته الداعمة لمخطط الحكم الذاتي، بل أيضاً إعلان نية لندن التحرك وفق هذا التوجه على مستويات "ثنائية وإقليمية ودولية"، ما يعني احتمال إدماج هذا الموقف في دوائر الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجموعة الكومنولث، إضافة إلى ترجمته في التعاون الأمني والاقتصادي مع المغرب في الصحراء.

ويُنتظر أن يؤثر هذا التحول البريطاني على مواقف دول أوروبية أخرى ظلت مترددة، كما سيزيد من الضغط على جبهة البوليساريو والداعمين لها في المنطقة، وخصوصاً الجزائر التي تعيش عزلة دبلوماسية متصاعدة.

انعكاسات جيوسياسية

الموقف البريطاني لا ينفصل عن التحولات الجيوسياسية في شمال إفريقيا والساحل، حيث تزايد الدور المغربي كفاعل محوري في استقرار المنطقة، لا سيما في ملف الهجرة، ومحاربة الإرهاب، والربط الطاقي بين إفريقيا وأوروبا. وبالتالي، فإن دعم الحكم الذاتي من قبل دولة كالمملكة المتحدة يعكس إقراراً بدور المغرب كشريك موثوق واستراتيجي في محيط متقلب.

"الحكم الذاتي"… من فكرة إلى إجماع دولي

منذ طرحه سنة 2007، بات مخطط الحكم الذاتي المغربي يحظى بدعم متنامٍ، حيث وصفه مجلس الأمن عدة مرات بأنه "جدي وذو مصداقية"، في حين انخرطت أكثر من 30 دولة في افتتاح قنصليات لها في مدن الصحراء المغربية، كتعبير عملي عن السيادة المغربية على المنطقة.

ويبدو أن القبول المتزايد بهذا الحل العملي والواقعي يُقرب النزاع من نهايته، عبر صيغة تضمن للمغرب وحدته الترابية، وتُوفر لسكان الصحراء حكماً ذاتياً موسعاً تحت السيادة المغربية، بما يراعي الخصوصيات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية للمنطقة.

الرباط ترحب ولندن تراهن على الشراكة

رد الفعل المغربي على الموقف البريطاني كان سريعاً ومرحِّباً، حيث أكدت مصادر دبلوماسية أن الرباط تعتبر هذا التطور تأكيداً إضافياً على مصداقية الرؤية المغربية لحل النزاع في إطار احترام الشرعية الدولية. ووفق مصادر إعلامية، فإن المرحلة القادمة ستشهد تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في مجالات الدفاع، الطاقة المتجددة، والتعليم العالي، إلى جانب مشاريع استثمارية في مدن الصحراء.

هل تجرؤ ألمانيا وإيطاليا على الخطوة التالية؟

مع انخراط لندن بشكل واضح في دعم الحكم الذاتي، تتجه الأنظار الآن إلى عواصم أوروبية أخرى، وخصوصاً برلين وروما، حيث تسود مواقف أقل وضوحاً حتى الآن. وإذا كانت فرنسا قد سبقت الجميع بموقف مؤيد، فإن التحول البريطاني قد يشكل عامل ضغط دبلوماسي جديد على باقي الحلفاء الأوروبيين للالتحاق بركب الواقعية السياسية.

خلاصة القول، الموقف البريطاني الأخير بشأن الصحراء المغربية ليس مجرد إعلان سياسي عابر، بل هو مؤشر على إعادة صياغة موازين القوى في واحد من أقدم النزاعات الإفريقية. ومع انضمام قوة عالمية كالمملكة المتحدة إلى لائحة الداعمين لمقترح الحكم الذاتي المغربي، تبدو الكرة الآن في ملعب المجتمع الدولي لترجمة هذا التوجه إلى حل نهائي عادل وواقعي، ينهي معاناة الآلاف من المحتجزين في تندوف، ويُعزز الاستقرار الإقليمي في زمن اللايقين الجيوسياسي.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك