الحصبة تعصف بصيف إسبانيا واتهامات خطيرة تُلاحق المغرب بعد تسرب العدوى عبر الحدود

الحصبة تعصف بصيف إسبانيا واتهامات خطيرة تُلاحق المغرب بعد تسرب العدوى عبر الحدود
ديكريبتاج / الأربعاء 21 مايو 2025 - 21:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:مدريد

في وقت كانت فيه إسبانيا تستعد لاستقبال موسم سياحي صيفي واعد، باغت مرض الحصبة السلطات الصحية بعودة مقلقة أربكت حسابات وزارة الصحة وأثارت حالة من الطوارئ في عدد من الأقاليم.

تقارير صحفية وصحية متقاطعة تشير إلى أن ما يقارب 78 في المئة من الإصابات المبلّغ عنها تعود لمصابين قادمين من المغرب، وهو ما أعاد إلى الواجهة نقاشًا حادًا حول تدبير التنقلات الحدودية والسياسات الصحية العابرة للبلدان.

عودة الحصبة بعد سنوات من الانكماش

لم يكن أحد يتوقع أن الحصبة، التي اعتُبرت إلى حد قريب شبه منقرضة في أوروبا، ستعود بهذا الشكل المفاجئ والعنيف.

ففي غضون أسابيع قليلة فقط، تم تسجيل عشرات الحالات في مقاطعات أندلسيا، مدريد، كاتالونيا، وجزر البليار، مما دفع بالسلطات إلى رفع حالة التأهب وتنفيذ حملات تلقيح عاجلة، خصوصًا في المناطق السياحية التي تستقبل أعدادًا هائلة من الزوار الأجانب.


الخبراء الصحيون في إسبانيا دقوا ناقوس الخطر، محذرين من أن الحصبة ليست مرضًا بسيطًا، بل بإمكانها أن تسبب مضاعفات خطيرة، خاصة لدى الأطفال وكبار السن، أو الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة. وتشير التقديرات الأولية إلى أن عدد الحالات يفوق المئة، فيما لا تستبعد مصادر طبية أن تكون هناك إصابات غير معلنة أو لم تُشخّص بعد.

المغرب في قلب العاصفة

الجدل الكبير تفجّر عندما كشفت تقارير طبية إسبانية، استنادًا إلى بيانات وزارة الصحة وأبحاث مختبرية، أن حوالي 78 في المئة من الحالات المُسجلة كانت لأشخاص إما مقيمين في المغرب، أو قدموا منه مؤخرًا.

وهو ما دفع بعض الأصوات السياسية اليمينية في إسبانيا إلى المطالبة بتشديد المراقبة على المعابر الحدودية، خصوصًا في مدينتي سبتة ومليلية، بل وذهب البعض إلى حد اتهام المغرب بالإهمال الصحي وتصدير المرض إلى أوروبا.

الحكومة المغربية لم تُصدر بعد أي توضيح رسمي حول هذه المعطيات، غير أن مصادر مطلعة في الرباط تشير إلى أن وزارة الصحة المغربية تتابع الوضع عن كثب، وترجّح أن يكون جزء من الحالات ناتجًا عن ضعف نسب التلقيح في بعض المناطق القروية أو الهامشية التي لا تصلها حملات التوعية بالشكل الكافي.

ما بين الحقائق العلمية والتجاذبات السياسية

الخبراء الوبائيون ينبهون إلى ضرورة عدم تسييس الأزمة الصحية، والتركيز بدل ذلك على التعاون بين الدول لمواجهة خطر عودة أمراض يُفترض أنها تحت السيطرة.

ويؤكد هؤلاء أن الحصبة لا تعترف بجوازات السفر، وأن انتقال العدوى بين بلدين جارين مثل المغرب وإسبانيا يظل أمرًا طبيعيًا في ظل الحركة الدائمة بين الضفتين.

لكنّ المعضلة الكبرى تكمُن في هشاشة الأنظمة الصحية المحلية، سواء في المغرب أو في الأقاليم الإسبانية ذات الكثافة السياحية.

فبينما يعاني المغرب من تفاوت كبير في التغطية الصحية بين المدن والقرى، تواجه إسبانيا ضغوطًا مستمرة لتأمين خدمات صحية كافية في وجه موجات الهجرة والسياحة الموسمية.

صيف الحذر ومخاوف المستقبل

ومع اقتراب ذروة الموسم الصيفي، تتكثف حملات التلقيح والتحسيس في كل من المغرب وإسبانيا. لكنّ المخاوف لا تزال قائمة من تحول الحصبة إلى مصدر اضطراب موسمي دائم، في حال لم تُبذل جهود تنسيقية جادة بين البلدين.

فكلما زادت الحركة بين الضفتين دون رقابة وقائية فعالة، كلما ظلت إمكانية تفشي الفيروس قائمة، ما يهدد الصحة العامة ويزيد من تعقيد العلاقات بين الرباط ومدريد.

هذا، وتبقى الأيام القادمة حاسمة في تحديد مصير هذه الأزمة الصحية العابرة للحدود. فإما أن يتحرك الطرفان لتطويق الخطر من منبعه، أو يستمر التراشق بالاتهامات وتنامي الشعور بالعداء الصحي، في وقت يتطلب فيه العالم مزيدًا من التضامن لا التقوقع.


لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك