حكم ذاتي يُربك الحسابات..الصحراء المغربية تطوي صفحة الانفصال وتفرض واقعًا جديدًا على البوليساريو

حكم ذاتي يُربك الحسابات..الصحراء المغربية تطوي صفحة الانفصال وتفرض واقعًا جديدًا على البوليساريو
ديكريبتاج / السبت 10 مايو 2025 - 22:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:أحمد الهيلالي

في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة، ومع تزايد الدعم العالمي لمبادرة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب لحل النزاع في أقاليمه الجنوبية، أصدر المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات تقريرًا جديدًا يرصد من خلاله تداعيات هذا التحول على مستقبل جبهة البوليساريو، ومدى استعدادها للتفاعل مع الواقع السياسي الجديد.

دعم دولي يعزز الطرح المغربي

في ورقة تحليلية تحمل عنوان "ما مصير البوليساريو بعد نهاية النزاع حول الصحراء الغربية؟"، أعدتها لجنة من الخبراء برئاسة محمد الزهراوي وبتنسيق مع عبد الفتاح البلعمشي، أبرز المركز الزخم الدولي المتزايد الذي يحظى به المقترح المغربي للحكم الذاتي، مشيرًا إلى أن هذا المشروع أصبح يحظى بدعم قوي من قوى عالمية كبرى على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، إلى جانب بلدان أوروبية وازنة مثل ألمانيا وإسبانيا، فضلًا عن دول الخليج وعدد مهم من الدول الإفريقية.

نهاية وهم الانفصال وبداية تنافس النخب

التقرير أكد أن خيار الانفصال في الصحراء المغربية أضحى من الماضي، بالنظر إلى التحولات الدبلوماسية والواقعية التي يشهدها الملف، مضيفًا أن المرحلة المقبلة قد تشهد تنافسًا داخليًا جديدًا، ليس بين المغرب والبوليساريو، بل داخل الأقاليم نفسها، بين النخب المحلية وقيادة الجبهة حول من سيشغل المناصب والمسؤوليات في المؤسسات المنتظرة للحكم الذاتي.

ويُتوقع، بحسب الورقة، أن تؤدي عملية تنزيل هذا المشروع إلى بروز صراع على الشرعية التمثيلية، لاسيما في حال قبول جبهة البوليساريو الدخول في العملية السياسية. وهذا التنافس، حسب التقرير، سيكون حتميًا في ظل تحوّل المشروع إلى واقع مؤسساتي يعكس انخراط السكان المحليين في تدبير شؤونهم الذاتية ضمن السيادة المغربية.

ترك السلاح:شرط لا مفر منه

في تحليل أعمق لمآل البوليساريو، شدد التقرير على أن انخراط الجبهة في أي تسوية مستقبلية لا يمكن أن يتم دون تخليها النهائي عن السلاح. واعتبر المركز أن هذا الشرط يُعدّ "موضوعيًا وضروريًا" ضمن أي مسار سياسي جديد، مبرزًا أن التمسك بالحل السلمي يفترض قطعًا مع منطق الحرب والدخول في مرحلة انتقالية تُمكّن من بناء الثقة بين الأطراف.

وأكدت الورقة أن تخلي البوليساريو عن السلاح سيكون معيارًا حاسمًا لقياس مدى جدية الجبهة في الانخراط في الحل السياسي، خاصة في ظل التراجع الميداني والدبلوماسي الذي تعانيه مؤخرًا، والتضييق الذي أصبح مفروضًا عليها على خلفية التطورات الأمنية والسياسية بمنطقة الساحل والصحراء.

الجزائر والتطورات الإقليمية

لم يغفل التقرير الإشارة إلى التحولات الجارية في الجوار الجزائري، معتبرًا أن الاضطرابات في الساحل، إلى جانب الضغوط السياسية والاقتصادية التي تعيشها الجزائر، قد تُضعف قدرتها على دعم البوليساريو بنفس الزخم السابق، وهو ما يجعل موقف الجبهة أكثر هشاشة ويُسرّع احتمالات انخراطها في الدينامية الجديدة التي بات يقودها المغرب بدعم دولي متزايد.

ويرى المركز المغربي للدبلوماسية الموازية أن مستقبل الصراع يتجه نحو نهايته، لكن شكل هذه النهاية، بحسب التقرير، سيبقى رهينًا بمدى استعداد البوليساريو لقبول الواقع الجديد، والتخلي عن رهانات الماضي التي أثبتت فشلها بعد عقود من الجمود.

مرحلة الحسم السياسي

في خاتمة التقرير، دعت الورقة إلى ضرورة الاستعداد السياسي والقانوني والمؤسساتي لتنزيل مشروع الحكم الذاتي بالصحراء، ليس فقط من جانب المغرب، بل أيضًا من خلال إشراك حقيقي للساكنة المحلية لضمان نجاح التجربة. كما شددت على أهمية اليقظة إزاء المناورات المحتملة التي قد تحاول عرقلة هذا المسار، سواء من داخل الجبهة أو من بعض القوى المناوئة للمقترح المغربي.

التقرير يُشكل دعوة واضحة لإعادة ترتيب أوراق المشهد السياسي في الصحراء، إذ لم يعد من الممكن تجاهل التحولات الميدانية والدولية التي ترجح كفة مشروع الحكم الذاتي كحل واقعي ومستدام، فيما تبدو البوليساريو مطالبة اليوم بأكثر من أي وقت مضى بإعادة النظر في مقاربتها للصراع والقبول بخيار السلام والتدبير الذاتي تحت السيادة المغربية.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك