أنتلجنسيا المغرب:أبو جاسر
مع اقتراب شهر رمضان المبارك، يجد المغاربة أنفسهم أمام واقع اقتصادي صعب، حيث تواصل أسعار المواد الأساسية ارتفاعها الجنوني، في ظل تراجع القدرة الشرائية وتفاقم الأعباء المعيشية. من الخضر والفواكه إلى اللحوم والأسماك، مرورًا بالزيوت والدقيق والمواد الغذائية الأساسية، باتت الأسواق المغربية تعيش على وقع موجة غلاء غير مسبوقة، ما جعل المواطنين يتساءلون: أين وعود الحكومة بكبح الأسعار؟ وأين دور الدولة في حماية المستهلك؟
حكومة أخنوش.. وعود تتبخر أمام نار الغلاء
عند تعيينها، رفعت حكومة عزيز أخنوش شعار "الدولة الاجتماعية"، متعهدة بتحسين أوضاع المواطنين ودعم الفئات الهشة، لكن بعد أكثر من سنتين على توليها المسؤولية، لا تزال الأسعار تحلق في مستويات قياسية، دون تدخل حكومي حازم يخفف من المعاناة اليومية للمواطنين.
ورغم المبررات التي تسوقها الحكومة حول ارتفاع الأسعار العالمية وتأثيرات التضخم الدولي، إلا أن الشارع المغربي يرى أن هناك اختلالات داخلية وسياسات حكومية غير ناجعة فاقمت الوضع، من غياب رقابة صارمة على الأسواق إلى سياسات فلاحية وتجارية تخدم "لوبيات الاحتكار" أكثر مما تحمي المستهلك البسيط.
الأسواق تحترق..والرقابة غائبة
في جولة بسيطة داخل الأسواق المغربية، يتضح حجم الكارثة التي يواجهها المواطنون يوميًا، حيث ارتفعت أسعار اللحوم إلى مستويات قياسية، بينما تجاوزت أسعار بعض الخضروات والفواكه قدرات الأسر محدودة الدخل، ناهيك عن أسعار الزيوت والحبوب التي تستمر في الصعود.
وفي ظل هذا الوضع، تغيب الرقابة الفعالة، ويستغل المضاربون و"سماسرة السوق" حالة الضعف الحكومي لتحقيق أرباح خيالية على حساب جيوب المواطنين.
فالعديد من التجار يعترفون بأن الفوضى وغياب إجراءات تنظيمية صارمة تسمح بالتلاعب بالأسعار، في حين تكتفي الحكومة بإطلاق تصريحات مطمئنة دون إجراءات ملموسة على أرض الواقع.
أخنوش في مرمى الانتقادات..تضارب المصالح يطفو على السطح
يواجه رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، انتقادات لاذعة بسبب ارتفاع الأسعار، خاصة أنه رجل أعمال وفاعل رئيسي في قطاع المحروقات والفلاحة، وهما قطاعان يشهدان ارتفاعًا مهولًا في الأسعار، مما يثير شبهات تضارب المصالح.
ففي الوقت الذي يئن فيه المواطنون تحت وطأة الغلاء، تواصل الشركات الكبرى، وعلى رأسها شركات المحروقات، تحقيق أرباح قياسية، وهو ما دفع العديد من الأصوات إلى مطالبة الحكومة بفرض إجراءات صارمة على الاحتكار والمضاربة، بدل ترك السوق مفتوحًا أمام جشع بعض الفاعلين الاقتصاديين.
أين دعم المواد الأساسية؟ ولماذا تأخر التدخل الحكومي؟
أمام هذا الواقع المتأزم، تتساءل الطبقة المتوسطة والفقيرة عن مصير الدعم الحكومي للمواد الأساسية، ولماذا لم تفعل الدولة آليات لحماية القدرة الشرائية للمواطنين كما تفعل دول أخرى؟
في السابق، كانت الدولة تتدخل لضبط الأسعار خلال شهر رمضان، لكن اليوم، يبدو أن الحكومة اختارت التفرج بدل التدخل، تاركة المواطنين تحت رحمة لوبيات السوق، وهو ما يعمّق الإحساس بانعدام الثقة في القرارات الحكومية ويفتح الباب أمام احتجاجات اجتماعية محتملة.
هل من حلول؟ أم أن الأزمة ستتفاقم أكثر؟
مع استمرار هذا الوضع، يطالب خبراء الاقتصاد بضرورة تدخل عاجل من الحكومة، عبر تفعيل آليات دعم مباشر للفئات الهشة، وفرض رقابة مشددة على الأسواق، وإعادة النظر في السياسة الضريبية التي تثقل كاهل المواطن، إلى جانب محاربة الاحتكار والمضاربة بشكل حازم.
لكن، وبينما ينتظر المواطن حلولًا فعلية، لا تزال الحكومة تكتفي بتقديم تبريرات وأعذار، بينما يتجه رمضان ليكون واحدًا من أصعب المواسم الاقتصادية التي مرت بها الأسر المغربية، في ظل غياب رؤية واضحة وإجراءات ملموسة لحماية القدرة الشرائية للمغاربة.
فهل ستتحرك حكومة أخنوش لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟ أم أن المغاربة سيجدون أنفسهم مجددًا أمام واقع اقتصادي أكثر قسوة؟
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك