أنتلجنسيا المغرب:أبو جاسر
في ظل تصاعد الصراع بين روسيا وأوكرانيا وتحوله إلى حرب بالوكالة تمتد عبر القارات، يبدو أن كييف قررت فتح جبهة جديدة في القارة الإفريقية، حيث تسعى جاهدة لتقويض النفوذ الروسي المتزايد هناك. تقارير استخباراتية وإعلامية بدأت تتحدث عن خطة جريئة للمخابرات الأوكرانية تهدف إلى الإطاحة بالأنظمة الموالية لروسيا في إفريقيا، وهو ما قد يغير موازين القوى في القارة السمراء ويعيد تشكيل التحالفات الإقليمية.
إفريقيا.. ساحة جديدة للصراع الروسي الأوكراني؟
لطالما كانت إفريقيا ساحة تنافس استراتيجي بين القوى العظمى، لكن الحرب الروسية الأوكرانية أعطت لهذا التنافس بعدًا جديدًا، حيث بات واضحًا أن الكرملين يعزز حضوره العسكري والاقتصادي في القارة من خلال اتفاقيات مع أنظمة حاكمة موالية له، بالإضافة إلى دعم مرتزقة فاغنر الذين يلعبون دورًا حاسمًا في تأمين الحكومات الصديقة لموسكو.
لكن كييف، التي تكافح على جبهات القتال في أوروبا، لا تنوي ترك الساحة الإفريقية خالية أمام النفوذ الروسي، حيث تشير التقارير إلى أن المخابرات الأوكرانية وضعت خطة محكمة للإطاحة بالأنظمة الموالية لموسكو عبر تحركات سرية تشمل عمليات استخباراتية، دعم لحركات المعارضة، وتكثيف الحرب الإعلامية ضد الحكومات المرتبطة بروسيا.
ما وراء الكواليس.. كيف تتحرك أوكرانيا سرًا في إفريقيا؟
التقارير تشير إلى أن المخابرات الأوكرانية بدأت بتنفيذ عمليات سرية لدعم القوى المعارضة في عدد من الدول الإفريقية التي تعتبر موالية لروسيا. وتشمل هذه العمليات:
التواصل مع الحركات المعارضة: تعمل كييف على إقامة علاقات سرية مع جماعات معارضة للحكومات المدعومة من موسكو، بهدف تزويدها بالدعم اللوجستي والمعلوماتي، وحتى التمويل في بعض الحالات.
الحرب السيبرانية والإعلامية: تعتمد المخابرات الأوكرانية على حملات إعلامية مضادة لكشف التجاوزات والانتهاكات التي ترتكبها الأنظمة الموالية لموسكو، وتسليط الضوء على فسادها وتبعيتها للكرملين.
توظيف النفوذ الغربي: بما أن أوكرانيا مدعومة من واشنطن وحلف الناتو، فإنها تستخدم علاقاتها لجذب الضغوط الغربية على الحكومات الإفريقية الموالية لروسيا، عبر فرض عقوبات أو تقديم إغراءات اقتصادية لدفعها إلى تغيير تحالفاتها.
التأثير على العسكريين والانقلابيين: تُعد إفريقيا واحدة من أكثر القارات تعرضًا للانقلابات العسكرية، ووفق تقارير غير مؤكدة، فإن المخابرات الأوكرانية تعمل على اختراق أوساط الضباط في عدد من الدول الإفريقية، ودفعهم إلى مراجعة تحالفاتهم الخارجية.
روسيا لن تصمت.. هل تتجه إفريقيا نحو مواجهة مفتوحة؟
من المعروف أن روسيا لن تقف مكتوفة الأيدي أمام تحركات أوكرانيا، خاصة أن إفريقيا تمثل جزءًا مهمًا من استراتيجيتها الجيوسياسية. فموسكو تمكنت خلال السنوات الأخيرة من بناء نفوذ قوي في عدد من الدول الإفريقية، بفضل العقود العسكرية واتفاقيات التعاون الاقتصادي، بالإضافة إلى نشاط مرتزقة "فاغنر" الذين يدعمون حكومات مثل مالي، جمهورية إفريقيا الوسطى، وبوركينا فاسو.
رد الفعل الروسي قد يتخذ أشكالًا متعددة، مثل:
تعزيز الدعم العسكري والاقتصادي لحلفائها في إفريقيا، لضمان عدم سقوطهم تحت تأثير الضغوط الأوكرانية والغربية.
تكثيف استخدام مرتزقة "فاغنر" في عمليات أمنية داخل الدول المهددة بالتغيير السياسي.
تنشيط الجهود الدبلوماسية عبر عقد مزيد من الاتفاقيات التجارية والاستراتيجية مع الحكومات الإفريقية لتعزيز العلاقات الاقتصادية والعسكرية.
شن حرب إعلامية مضادة ضد أوكرانيا، واتهام كييف بمحاولة زعزعة استقرار الدول الإفريقية بتوجيه من الغرب.
من المستفيد الأكبر من هذا الصراع؟
بينما تسعى أوكرانيا لإضعاف النفوذ الروسي في إفريقيا، فإن هناك لاعبين آخرين يراقبون الوضع عن كثب، وأبرزهم الولايات المتحدة وفرنسا والصين.
واشنطن ترى في هذا الصراع فرصة لإضعاف الوجود الروسي في القارة، ولذلك قد تقدم دعمًا غير مباشر لأوكرانيا، سواء عبر المساعدات العسكرية أو من خلال ممارسة الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية على الحكومات الإفريقية لتقليل تعاونها مع موسكو.
فرنسا، التي فقدت نفوذها في دول الساحل الإفريقي بعد سلسلة من الانقلابات، قد تستفيد من هذا الصراع لإعادة تعزيز موقعها، خصوصًا أنها فقدت موطئ قدمها في مالي وبوركينا فاسو والنيجر لصالح النفوذ الروسي.
الصين، التي تركز على الجانب الاقتصادي، تفضل البقاء محايدة، لكنها قد تستغل هذا الصراع لتوسيع هيمنتها الاقتصادية في القارة دون التورط في النزاعات الجيوسياسية.
إفريقيا في قلب العاصفة.. إلى أين تتجه الأمور؟
تحول إفريقيا إلى ساحة مواجهة غير مباشرة بين روسيا وأوكرانيا قد يكون بداية لمرحلة جديدة من عدم الاستقرار في القارة، خاصة إذا قررت أوكرانيا تصعيد عملياتها ضد الأنظمة الموالية لموسكو. هذا قد يؤدي إلى زيادة الانقلابات، وتأجيج الصراعات الداخلية، وارتفاع حدة التوترات بين القوى الكبرى المتنافسة على النفوذ في القارة.
في النهاية، يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح المخابرات الأوكرانية في زعزعة الأنظمة الموالية لروسيا في إفريقيا؟ أم أن موسكو ستتمكن من تحصين حلفائها والدفاع عن نفوذها؟ الأيام المقبلة وحدها كفيلة بالإجابة على هذا التساؤل المصيري.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك